والإنذار وأما الإجبارُ على الطَّاعة فلا أقدرُ عليه، ثمَّ أكَّد ذلك بقوله: {وَمَا توفيقيا إِلَاّ بالله} والتوفيق تسيهل سبيل الخير «عليْهِ توكَّلْتُ» اعتدمت «وإلَيْهِ أنيبُ» أرجع فيما ينزله علي من النَّوائِبِ، وقيل: في المَعَادِ.
قوله: {لَا يَجْرِمَنَّكُمْ} العامَّةُ على فتح ياءِ المضارعة من «جرم» ثلاثيًّا. وقرأ الأعمشُ وابنُ وثابٍ بضمها من «أجرم» وقد تقدَّم [هود ٢٢] أنَّ «جَرَمَ» يتعدَّى لواحدٍ ولاثنين مثل: كسب، فيقال: جَرَمَ زيدٌ مالاً نحو: كَسَبَهُ، وجرمْتُه ذَنْباً، أي: كسبته إياه فهو مثلُ كسب؛ وأنشد الزَّمشري على تعدِّية لاثنين قوله: [الكامل]
٣٠٠٧ - ولَقَدْ طَعَنْتُ أبَا عُيَيْنَةَ طَعْنَةً ... جَرَمَتْ فَزارضةُ بعدهَا أنْ يَغْضَبُوا
فيكون الكاف والميم هو المفعول الأول.
والثاني: هو «أنْ يصيبكُم» أي: لا تَكْسِبَنَّكُم عداوتي إصابة العذاب وقد تقدًَّم أنَّ جَرَمَ وأجْرم بمعنى، أو بينهما فرق.
ونسب الزمخشريُّ ضمَّ الياءِ من أجرم لابن كثير.
والعامَّةُ أيضاً على ضمِّ لام «مِثْلُ» رفعاً على أنَّه فاعل «يُصِيبَكُم» وقرأ مجاهدٌ والجحدريُّ بفتحها وفيها وجهان:
أحدهما: أنَّها فتحةُ بناء وذلك أنَّه فاعل كحاله في القراءة المشهورة، وإنَّما بُني على الفتح؛ لإضافته إلى غير متمكن؛ كقوله تعالى:
{إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَآ أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ} [الذاريات: ٢٣] وكقوله: [البسيط]
٣٠٠٨ - لَمْ يَمْنَعِ الشُّرْبَ مِنْهَا غَيْرَ أنْ نَطَقَتْ ... حضمَامَةٌ في غُصُونٍ ذاتِ أوْقَالِ
وقد تقدَّم تحقيقُ هذه القاعدة في الأنعام [الأنعام: ٩٤] .
والثاني: أنه نعتٌ لمصدر محذوف فالفتحة لإعراب، والفاعل على هذا مضمرٌ يفسره سياقُ الكلام، أي: يصيبكم العذاب إصابة مثل ما أصاب.
فصل
والمعنى: لا يكسبنكم «شِقَاقِي» خلافي: «أنْ يُصِيبكم» عاب الاستئصال في الدنيا «