» والإحصانُ: الإحرازُ، وهو [إبقاء] الشيء في الحصنِ، يقال: أحْصَنَهُ إحصاناً، إذا جعله في حِرْزٍ «.
قوله [تعالى] : {يُغَاثُ الناس} يجوز أن تكون الألف عن واوٍ، وأن تكون عن ياءٍ: إما من الغوث، وهو الفرج، وفعله رباعي، يقال: أغَاثَنا اللهُ إذَا أنْقذنَا من كرْبٍ أو غمٍّ، ومعناه: يغاثُ الناسُ من كَرْبِ الجَدبِ.
وإما من الغيثِن وهو المطرُ، يقال: أغْيَثَت الأرض، أي: أمطرتْ، وفعله ثلاثي، يقال: أغَاثَنَا الله من الغَيْثِ، وقالت اعرابيةٌ: غِثْنَا ما شِئْنَا، اي: أمْطِرنا ما أردْنَا.
فصل
يقال: أسْنَتُوا، أي: دخلوا في سنةٍ مجدبة:» وقال المفسِّرون: السبعة المتقدمةُ: هي الخصبُ وكثرةُ النِّعم، والسَّبعة الثانية: هي القَحْطُ، وهي معلومةٌ من الرؤيا، وأمَّا حالُ هذه السنةِن فما حصل في ذلك المنام ما يدلُّ عليه، بل حصل ذلك مِنَ الوَحْيِ «.
قال قتادةُ رَحِمَهُ اللَّهُ: زادهُ الله علمَ سنةٍ.
فإن قيل: لما كانت العِجافُ سَبْعاً، دلَّ على أنَّ السنين المجدبة لا تزيدْ على هذا العدد، ومن المعلوم أنَّ الحاصل بعد انقضاء القحطِ، هو الخصبُ، فكان هذا أيضاً من مدلُولاتِ المنامِ، فلم قلتم: إنَّه حصل بالوحي والإلهام؟ .
فالجواب: هَبْ أنَّ تبدل القحْطِ بالخصب معلومٌ، وأما تفصيلُ الحال فيه، وهو قوله:{فِيهِ يُغَاثُ الناس وَفِيهِ يَعْصِرُونَ} لا يعلمُ إلا بالوحي.
قوله يَعْصِرونَ قرأ الأخوان: «تَعْصِرُونَ» بالخطاب، والباقون بياء الغيبة، وهما واضحتان؛ لتقدم مخاطبٍ أو غائبٍن فكلُّ قراءةٍ ترجعُ إلى ما يليقُ بها.
و «يَعْصِرُونَ» يحتمل أوجهاً:
أظهرها: أنه من عصر العِنبِ، والزيتونِ، والسمسمِ، ونحو ذلك.