[ويعضدُ] هذا الوجه مطابقة قوله: {فِيهِ يُغَاثُ الناس} يقال: عَصَرَه يَعْصِرهُ، أي: أنجاه. وقرأ جعفر بن محمدٍ، والأعرجك «يُعْصَرُونَ» بالياء من تحت، وعيسَى بالتاءِ من فوقُ، وهو في كلتا القراءتين مبني للمفعولِ، وفي هاتين القراءتين تأويلان:
أحدهما: أنها من عصره، إذا أنجاه: قال الزمخشريُّ: «وهو مطابق للإغاثةِ» .
والثاني: قاله قُطربٌ أنَّهما من الإعْصارِ، وهو إمطار السحابةِ الماء؛ كقوله تعالى:{وَأَنزَلْنَا مِنَ المعصرات مَآءً ثَجَّاجاً}[النبأ: ١٤] ، وقال الزمخشريُّ: وقُرىء: «يُعْصَرُون، تُمْطرُونَ» ، من أعصرتِ السَّحابةُ، وفيه وجهان:
إمَّا أن يضمَّن أعصرت معنى مُطِرَت، فيعدّى تعْدِيتَه، وإما أن يقال: الأصلُ: أعْصِرَتْ عليهم، فحذف الجار وأوصل الفعل إلى ضميرهم أو يسندُ الإعصارُ إليهم؛ مجازاً، فجعلوا معصرين.
وقرأ زيد بن عليّ:«تِعِصّرُون» بكسر التاء، والعين، والصاد مشددة، وأصلها يعْتَصِرُون، فأدغم التاء في الصاد، وأتبع العين للصادِ، ثمَّ أتبعَ التاء للعين وتقدم [تقريره] في قوله {إِلَاّ أَن يهدى}[يونس: ٣٥] .
ونقل النقاشُ قراءة «يُعَصِّرُونَ» بضمِّ الياء، وفتح العين، وكسر الصّاد مشددة؛ من «عَصَّر» للتكثير، وهذه القراءة، وقراءة زيدٍ المقتدمة، تحتملان أن يكونا من العصرِ للنبات، أو الضَّرع، أو النَّجاة؛ كقول الشاعر:[الرمل]