غير أن يبعث معهم رجلاً عاقلاً يمنعهم عمَّا لا ينبغي، ويحملهم على ما ينبغي» .
قوله:{لَا تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ} عليكم يجوز أن يكون خبر «لَا» و «اليَوْمَ» يحتمل أن يتعلق بما تعلَّق به هذا الخبر أي: لا تثريب مستقرٌ عليكم ويجوز أن يكون «اليَوْمَ» خبر «لَا» ، و «عَليْكُمْ» متعلق بما تعلق به هذا الظرف ويجوز أن يكون: «عليكم» صفة لاسم: «لا» ، و «اليَوْمَ» خبرها أيضاً ولا يجوز أن يتعلق كل من الظرف، والجار ب:«تَثْرِيب» ؛ لأنه يصيرُ مطولاً شبيهاً بالمضاف ومتى كان كذكل أعرب ونُوِّن، نحو:«لا خَيْراً من زَيْدٍ عندكَ» ويزيدُ عليه الظرف بأنه يلزم الفصل بين المصدر المؤول بالموصول، ومعموله بأجنبي وهو:«عَليْكُمْ» لأنه إما خبر وإما صفة.
وقد جوَّز الزمخشريُّ: أن يكون الظَّرف متعلقاً ب: تَثْرِيبَ «فقال: فإن قلنا: بم يتعلق» اليوم «؟ قلت: بالتثريب، أو بالمقدر في» عَليْكُم «من معنى الاستقرار أو ب: يَغْفِرُ» ، فجعله أنه متعلق ب «تَثْرِيب» وفيه ما تقدَّم.
وقد أجرى بعضهم الاسم العامل مجرى المضاف لشبهه به، فنزع ما فيه من تنوين أو نون؛ وجعل الفارسيُّ من ذلك قول الشاعر:[الطويل]
قال: فإية منصوب ب: «كُفْرانَ» أي: أكفر الله أية لنفسي، ولا يجوز أن تنصب «أيَّةً» ب: «أوَيْتُ» مضمراً، لئلا يلزم الفصل بين مفعولي:«أرَى» بجملتين أي: ب «لَا» ، وما في خبرها، وب «أوَيْتُ» المقدرة، ومعنى «أوَيْتُ» رققت وجعل منه بانُ مالكٍ ما جاء في الحديث: «لا صُمْتَ يومٌ إلى اللَّيلِ» برفع «يَوْمٌ» على أنه مرفوعٌ بالمصدر المنحل لحرف مصدريّ، وفعل مبني للمعفول وفي بعض ما تقدَّم خلافٌ، وأمَّا تعليقه بالاستقرار المقدَّر فواضح، ولذلك وقف أكثرُ القراء عليه، وابتدأ ب:«يَغفِرُ اللهُ لكُمْ» وأما تعليقه ب: «يَغْفِرُ» فواضحٌ أيضاً ولذلك وقف بعض القراء على: «عَليْكُمْ» ، وابتدأ:«اليَوْم يغفرُ اللهُ لكُمْ» وجوَّزوا أن يكون خبر: «لا» محذوفاً، و «عَلَيْكُمْ» ، و «اليَوْمَ» كلاهما متعلقان بمحذوف آخر يدلُّ عليه: «تَثْريبَ» ، والتقدير: لا تثريبَ يتثرب علكيم اليوم كما قدروا في: {لَا عَاصِمَ اليوم مِنْ أَمْرِ الله}[هود: ٤٣] لا عاصم يعصمُ اليوم.
قال أبو حيَّان:«لو قيل به لكان قويًّا» ، وقد يفرَّق بينهما: بأنّ هنا يلزم كثرة المجاز، وذلك أنَّك تحذف الخبر، وتحذف هذا الذي تعلق به الظرف وحرف الجر،