للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ياء فيهما. وحكى ابنُ عطية أن أبا ذر قرأك «أتَيْتَنِي» بغير ألف بعد الهمزة، و «مِن» في «مِنَ المُلْكِ» ، وفي: «مِنْ تَأويلِ» للتبعيض والمفعول محذوف أي: عظيماً من الملك، فهي صفة لذلك المحذوف. وقيل: زائدة. وقيل: لبيان الجنس، وهذان بعيدان. و «فَاطِرَ» يجوز أن يكون نعتاً ل «ربِّ» ويجوز أن يكون بدلاً أو بياناً، أو منصوباً بإضمار أعني أو نداء ثانياً.

فصل

لما جمع الله شمل يوسف عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ عَلِمَ أنَّ نعيم الدُّنيا لا يدوم فسأل الله حسن العاقبة، فقال: {رب قد ءاتيتني من الملك} يعني ملك مصر، والملك اتساع المقدور لمن له السياسة، والتدبير. {وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأحاديث} يعني تعبير الرؤيا.

قوله: {فَاطِرَ السماوات والأرض} يعني: يا فاطر السموات والأرض، أي: خالقهما قال ابن عبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما: ما كنت أدري ما معنى الفاطر حتى احتكم إليَّ اعرابيان في بئر، فقال أحدهما: أنا فَطرتَهَا وأنا ابْتدأت حَفْرهَا.

وقل أهلُ اللغة: أصلُ الفَطْر: الشَّقُّ، يقال: فطرت نابُ البعير، إذا بدا، وفطرتُ الشَيء، فانفطر، إذا شَقَقْتهُ، فانشقَّ، وتفطَّرتِ الأرض بالنَّبات والشَّجر بالورق، إذا تصدَّعتْ.

هذا أصله في اللغة، ثمَّ صارت عبارة عن الإيجاد؛ لأنَّ ذلك الشيء في حال عدمه كأنَّه في ظلمة وخفاءٍ، فلمَّا دخل في الوجود، صار كأنَّه انشقَّ، وخرج ذلك الشيء منه.

{تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بالصالحين} أي: اقبضني إليك مسلماً، وألحقين بالصالحين يريد بآبائي النبيين.

قال قتادة: لم يسأل نبيٌّ من الأنبياء الموت إلا يوسف، وبه قال جماعة من المفسرين.

وقال ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْه في رواية عطاء: يريد: إذا توَفَّيْتني، فتوفَّني على الإسلام.

فصل

دل قوله {تَوَفَّنِي مُسْلِماً} على أنَّ الإيمان من الله؛ لأنَّه لو كان من العبد، لكان تقديره: كأنَّه يقول: افعل يا مَنْ لا يَفْعَل.

قالت المعتزلة: إذا كان الفعل من الله، فكيف يجوزُ أن يقال للعبد: افعل مع

<<  <  ج: ص:  >  >>