وقال الخليل: الطُّور اسم جبل معلوم؛ لأن التعريف تقتضي حلمه على جبل معهود مسمى بهذا الاسم، وهو جبل المُنَاجاة. وقد يجوز أن ينقله الله إلى حيث هم، فيجعله فوقهم وإن كان بعيداً منهم.
وقال ابن عباس: أمر الله جبلاًُ من جبال «فلسطين» ، فانقلع من أصله حتى قام فوقهم كالظُّلة، وبعث ناراً من قبل وجوههم، وأتاهم البحر الملح من خلفهم، وقيل لهم: خذوا ما آتيناكم، أي: اقبلوا ما أعطيناكم وإلَاّ رضختكم بهذا الجبل، وغرقتكم في هذا البحر، وأحرقتكم بهذه النار فلما رأوا أن لا مهرب منه قلوا ذلك، وسجدوا خوفاً، وجعلوا يلاحظون الجبل، وهم سجود، فصارتْ سُنّة في اليهود لا يسجدون إلَاّ على أنصاف وجوههم.
قوله:«خذوا» في محل نصب بقول مضمر، أي: وقلنا لهم: خذوا، وهذا القول مضمر يجوز أن يكون في محل نصب على الحال من فاعل «رفعنا» والتدقير: ورفعنا الطور قائلين لكم خذوا. وقد تقدّم أن خذ محذوف الفاء أن الأصل: اؤخذ، عند قوله:{وَكُلَا مِنْهَا رَغَداً}[البقرة: ٣٥] .
قوله:{مَآ آتَيْنَاكُم} مفعول «خذوا» ، و «ما» موصولة بمعنى الذي لا نكرة موصوفة، والعائد محذوف أي: ما آتيناكموه.