للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

{إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ} وذكروا نزول الذِّكر؛ استهزاء، وإنما وصفوه بالجنون، إما لأنه صلوات الله وسلامه عليه كان يظهر عليه عند نزول الوحي، حالةٌ شبيهةٌ بالغشي؛ فظنُّوا أنَّها جنونٌ، ويدلُّ عليه قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ مَا بِصَاحِبِهِمْ مِّن جِنَّةٍ} [الأعراف: ١٨٤] .

وإما لأنه كانا يستبعدون كونه رسولاً حقًّا من عند الله؛ لأن الرجل إذا سمع كلاماً مستبعداً من غيره، فربما قال: به جنون.

قوله: {لَّوْ مَا تَأْتِينَا بالملائكة} ، «لَوْ مَا» : حرف تحضيضٍ؛ ك «هَلاًّ» ، وتكون أيضاً حرف امتناع لوجودٍ، وذلك كما أنَّ «لولا» متردَّدةٌ بين هذين المعنيين، وقد عرف الفرق بينهما، وهو أنَّ التحضيضيَّة لا يليها إلَاّ الفعل ظاهراً أو مضمراً؛ كقوله: [الطويل]

٣٢٦٣ - ... ... ... ... ... ... ... ... . ... لَوْلَا الكَمِيَّ المُقَنَّعَا

والامتناعية لا يليها إلا الأسماء: لظفاً أو تقديراً عند البصريين.

وقوله: [الوافر]

٣٢٦٤ - ولَوْلَا يَحْسِبُونَ الحِلْمَ عَجْزاً ... لمَا عَدِمَ المُسِيئُونَ احْتِمَالِي

مؤولٌ؛ خلافاً للكوفيين.

فمن مجيء «لَوما» حرف امتناعٍ قوله: [البسيط]

٣٢٦٥ - لَوْمَا الحيَاءُ ولَوْمَا الدِّينُ عِبْتُكمَا ... بِبعْضِ ما فِيكُمَا إذْ عِبْتُما عَورِي

واختلف فيها: هل هي بسيطة أم مركبة؟ .

فقال الزمخشري: «لَوْ» ركبت مع «لا» ، ومع «مَا» ؛ لمعنيين، وأمَّا «هَلْ» فلم تركَّب إلَاّ مع «لا» وحدها؛ للتحضيض.

واختلف أيضاً في «لَوْمَا» هل هي أصلٌ بنفسها، أم فرعٌ على «لَوْلَا» وأنَّ الميم مبدلة من اللام، كقولهم: خاللته، خالمته، فهو خِلِّي وخِلْمِي، أي: صديقي.

وقالوا: استولى على كذا، [واسْتَوَى] عليه؛ بمعنًى، خلاف مشهور، وهذه الجملة من التحضيض، دالةٌ على جواب الشرط بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>