العلم بنبوته، نقطع بأن الله عَجَّزَ الشياطين عن تلقف الغيب، وبهذا الطريق يندفع الدَّور «.
قوله: {والأرض مَدَدْنَاهَا} » الأرْضَ «: نصبٌ على الاشتغال، ولم يقرأ بغيره؛ لأنه أرجع من حيث العطف على جملة فعلية قبلها، وهي قوله: {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السماء بُرُوجاً} [الحجر: ١٦] .
وقال أبو حيَّان:» ولما كانت هذه الجملة بعدها جملة فعلية، كان النَّصب أرجح من الرفع «.
قال شهاب الدين: لَمْ يعدُّوةا هذا من القرائن المرجحة للنصب، إنما عندو عطفها على جملة فعلية قبلها، لا عطف جمعلة فعلية عليها، ولكنه القياس، إذ يعطف فيه فعلية على مثلها، بخلاف ما لو رفعت، إذ تعطف فعلية على اسمية، لكنهم لم يعتبروا ذلك.
والضمير في» فِيهَا «: للأرض. وقيل: للرَّواسي. وقيل: لهما.
فصل
لما شرح الدلائل السماوية في تقرير التَّوحيد، أتبعها بذكر الدلائل الأرضية وهي أنواع:
الأول: قوله: {والأرض مَدَدْنَاهَا} قال ابن عباسٍ: بسطناها على وجه الماءِ، وبسطت من تحته الكعبة.
النوع الثاني: قوله: {وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ} وهي الجبال الثوابت واحدها راسٍ، والجمع راسية وجم الجمع رواسي، قال ابن عباسٍ: لما بسط الله الأرض على الماء، مالت بأهلها كالسفينة؛ فأرساها الله بالجبال؛ لكيلا تميل بأهلها.
النوع الثالث: قوله تعالى: {وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ} ، يجوز فِي» مِنْ «أن تكمون تبعيضية، وهو الصحيح، وأن تكون مزيدة عند الكوفيين، والأخفش، والضمير في قوله:» فِيهَا «يحتمل أن يكون راجعاً إلى الأرض، وأن يكون راجعاً إلى الجبال الرواسي، إلَاّ أنَّ رجوعها إلى الأرض أولى؛ لأن أنواع النبات المنتفع بها، إنما تتولَّد في الأرض، وأما الجبلية، فقليلة النفع.
وقيل: رجوع الضمير إلى الجبال أولى؛ لأنَّ المعادن من الذهب، والفضة، والحديد، والنحاس، وغيرها؛ إنَّما تتولد في الجبال، والأشياء الموزونة في العرف والمعادة، هي المعادن لا النبات.
وفي المراد بالموزون وجوه:
قيل: المقَّدر بقدر الحاجة، أي: أنَّ الله تعالى يثبت ذلك المقدر بقدر ما يحتاج