وقيل: المناسب المطابق للحكمة كقولهم: كلامٌ موزونٌ، أي: متناسب بعيد عن اللغو، والمعنى: موزونٌ بميزان الحكمة، والعقل.
وقيل: موزونٌ؛ بمعنى أنَّ الذي تنبته الأرض نوعان: المعادنُ، والنباتُ، أما المعادن: فهي بأسرها موزنة، وأما النبات: فيرجع عاقبته إلى الوزنِ، كالمخترف، والفواكة في الأكثر.
قوله تعالى:{وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ} جحمع معيشة، أراد الله بها المطاعم، والمشارب، والملابس، وقيل: ما يعيش به المرءُ في الدنيا، وقد تقدَّم الكلام على المعايش في الأعرافِ.
قوله تعالى:{وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ} ، يجوز في خمسة أوجه:
أحدها: قول الزجاج: أنه منصوب بفعلٍ مقدرٍ، تقديره: وأغنينا من لستم له برازقين، كالعبد، والدَّواب، والوحوش.
الثاني: أنه منصوب عطفاً على «مَعايِشَ» ، أي: وجعلنا لكم فيها معايش ومن لسْتُمْ له برازقين من الدَّواب المنتفع بها.
الثالث: أنه منصوب عطفاغً على محل «لَكُمْ» .
الرابع: أنه مجرور عطفاً على «كُمْ» المجرور بها اللام؛ وجاز ذلك من غير إعادة الجار على رأي الكوفيين، وبعض البصريين، وتقدم تحقيقه في البقرة، عند قوله:{وَكُفْرٌ بِهِ والمسجد الحرام}[البقرة: ٢١٧] .
الخامس: أنه مرفوع بالابتداء، وخبره محذوف، أي: ومن لستم له برازقين، جعلنا له فيها معايش، وسمع من العرب: ضربت زيداً، وعمروا، برفع «عمرو» ؛ مبتدأ محذوف الخبر، اي: وعمرو ضربته، و «مَنْ» يجوز أن يراد بها العقلاء، أي: من لستم له برازقين من مواليكم الذين تزعمون أنكم ترزقونهم، أو يراد بها غير العقلاء، أي: من لستم له برازقين من الدوابِّ، وإن كنتم تزعمون أنكم ترزقونهم؛ قال الله تعالى:{فَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِي على بَطْنِهِ وَمِنهُمْ مَّن يَمْشِي على رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِي على أَرْبَعٍ}[النور: ٤٥] ، وقال سبحانه:{يا أيها النمل ادخلوا مَسَاكِنَكُمْ}[النمل: ١٨] فذكرها بصيغة جمع العقلاء، ويجوز أن يراد بها النوعان؛ وهو حسنٌ لفظاً ومعنًى.
قوله تعالى:{وَإِن مِّن شَيْءٍ} ، و «إنْ» : نافية، و «مِنْ» مزيدة في المبتدإ، و «عِنْدَنَ» خبره، و «خَزائِنهُ» فاعل به؛ لاعتماده على النَّفي، ويجوز أن يكون «عِندَنَا» خبراً ل «ما» بعده، والجملة خبر الأولى، والأولى أولى؛ لقرب الجارِّ من المفرد.