الحق، والمذهب الصحيح، فأما أن يبين كيفية الإغواء والإضلال؛ فذلك غير واجب.
قوله تعالى:{وَلَوْ شَآءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} يدل على أنَّه - تعالى - ما شاء هداية الكفار، وما أراد منهم الإيمان؛ لأنَّ كلمة «لَوْ» تفيد انتفاء الشيء لانتفاء غيره، أي: ولو شاء هدايتكم لهداكم أجمعين، وذلك يفيد أنه - تعالى - ما شاء هدايتهم فلا جرم ما هذاهم.
وأجاب الأصمُّ: بأنَّ المراد: لو شاء أن يلجئكم إلى الإيمان لهداكم، وهذا يدل على أنَّ مشيئة الإلجاءِ لم تحصل.
وأجاب الجبائيُّ: بأنَّ المعنى: ولو شاء لهداكم إلى الجنَّة وإلى نيل الثواب؛ لكنَّه لا يفعل ذلك إلا بمن يستحقه، ولم يرد به الهدى إلى الإيمان؛ لأنَّه مقدور جميع المكلَّفين.
وأجاب بضعهم؛ فقال المراد: ولو شاء لهداكم إلى الجنَّة ابتداء على سبيل التفضل، إلَاّ أنَّه - تعالى -[عرَّفكمُ] للمنزلة العظيمة بما نصب من الأدلة وبيَّن، فمن تمسَّك بها فاز، ومن عدل عنها فاتته وصار إلى العذاب. وتقدم الجواب عن ذلك مراراً.