وقال أبو البقاء: و «قَصْدُ» مصدرٌ بمعنى إقامة السَّبيل، أو تعديل السبيل، وليس مصدر قصدته بمعنى أتَيْتهُ.
فصل
قوله:{وعلى الله قَصْدُ السبيل} يعني بيان طريق الهدى من الضَّلالة، وقيل: بيان الحقِّ من الباطل بالآيات والبراهين، والقصد: الصراط المستقيم.
{وَمِنْهَا جَآئِرٌ} يعني: ومن السَّبيل جائر عن الاستقامة معوجّ، والقصد من السبيل دينً الإسلامِ، والجائر منها: اليهوديَّة والنَّصرانيةُ وسائر مللِ الكفرِ.
قال جابر بن عبد الله:«قَصْدُ السَّبيلِ» بيانُ الشَّرائع والفرائض.
وقال ابن المبارك وسهل بن عبد الله:«قَصْدُ السَّبيلِ» السنة، «ومِنْهَا جَائِرٌ» الأهواء والبدع؛ لقوله تعالى:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ}[الأنعام: ١٥٣] .
فصل
قالت المعتزلة: دلت الآية على أنَّه يجب على الله الإرشاد والهداية إلى الدِّين وإزالةُ العلل [والأعذار] ؛ لقوله {وعلى الله قَصْدُ السبيل} وكلمة «عَلَى» للوجوب، قال تعالى:{وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ}[آل عمران: ٩٧] ودلت الآية أيضاً على أنه تعالى لا يضلُّ أحداً ولا يغويه ولا يصده عنه، لأنه لو كان - تعالى - فاعلاً للضَّلال؛ لقال {وعلى الله قَصْدُ السبيل} وعليه جائرها، أو قال: وعليه الجائر فلمَّا لم يقل ذلك، بل قال في قصد السبيل أنه عليه، ولم يقل في جور السبيل أنه عليه، بل قال:«ومِنْهَا جَائِرٌ» دلَّ على أنَّه - تعالى - لا يضلُّ عن الدينِ أحداً.
وأجيب: بأنَّ المراد على أنَّ الله - تعالى - بحسب الفضلِ والكرمِ؛ أن يبين الدِّين