قال أبو حيَّان: «وهذا غيرُ جائزٍ عند البصريِّين» . يعني: من كونه حذف عائده المنصوب، نحو «زَيْدٌ ضَربْتُ» وقد تقدم خلاف النَّاس في هذا، والصحيح جوازه، والقائم مقام الفاعل، قيل: الجملة من قوله {مَّاذَآ أَنْزَلَ رَبُّكُمْ} لأنها المقولة، والبصريون يأبون ذلك، ويجعلون القائم مقامه ضمير المصدر؛ لأنَّ الجملة لا تكون فاعلة، ولا قائمة مقام الفاعل، والفاعل المحذوف: إمَّا المؤمنون، وإما بعضهم، وإمَّا المقتسمون.
وقرئ «أسَاطيرَ» بالنصب على تقدير: أنزل أساطير، على سبيل التهكُّم، أو ذكرتم أساطير.
والعامة برفعه على أنَّه خبر مبتدأ مضمر فاحتمل أن يكون التقدير: المنزَّل أساطير على سبيل التَّهكُّم، أو المذكور أساطير، وللزمخشريُّ هنا عبارة [فظيعة] .
قوله «لِيَحملُوا» لمَّا حكى شبهتهم قال: «لِيَحْمِلُوا» وفي هذه اللام ثلاثة أوجهٍ:
أحدها: أنها لامُ الأمر الجازمة على معنى الحتم عليهم، والصغار الموجب لهم، وعلى هذا فقد تمَّ الكلام عند قوله: «الأوَّلِينَ» ثم استؤنف أمرهم بذلك.
الثاني: أنها لام العاقبة، أي: كان عاقبة [قولهم] ذلك؛ لأنَّهم لم يقولوا أساطير ليحملوا؛ فهو كقوله تعالى: {لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً} [القصص: ٨] .
قال: [الوافر]
٣٣٠٩ - لِدُوا لِلْمَوْتِ وابْنُوا للخَرابِ..... ... ... ... ... ...
الثالث: أنها للتعليل، وفيه وجهان:
أحدهما: أنه تعليل مجازي.
قال الزمخشريُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: واللام للتعليل من غير أن تكون غرضاً؛ نحو قولك «خَرجْتُ مِنَ البَلدِ مَخافَةَ الشَّرِّ» .
والثاني: أنه تعليلٌ حقيقة.
قال ابن عطيَّة بعد حكاية وجه لامِ العاقبةِ: «ويحتمل أن يكون صريح لام كي؛ على معنى قدِّر هذا؛ لكذا» انتهى.
لكنه لم يعلِّقها بقوله «قَالُوا» إنما قدَّر لها عاملاً، وهو «قدَّر» هذا.
وعلى قول الزمخشري يتعلق ب «قَالُوا» لأنها ليست لحقيقة العلَّة، و «كَامِلةً» حالٌ، والمعنى لا يخفَّف من عقابهم شيءٌ، بل يوصل ذلك العقاب بكليته إليهم، وهذا يدل على أنَّه - تعالى - قد يسقط بعض العقاب عن المؤمنين إذ لو كان هذا المعنى حاصلاً