للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

للكل، لم يكن لتخصيص هؤلاء الكفَّار بهذا التكميل فائدة.

قال - صلوات الله وسلامه عليه -: «أيُّمَا دَاعٍ دَعَى إلى الهُدَى، فاتُّبعَ، كَانَ لهُ مِثْلُ أجْرِ مَن اتَّبعَهُ لا يَنقصُ مِنْ أجُورِهِمْ شيءٌ، وأيُّمَا داعٍ دَعَى إلى الضَّلالِ فاتُّبعَ؛ كَان عَليْهِ وِزْرُ من اتَّبعَه لا ينقص مِنْ آثامهمْ شيءٌ» .

قوله: {وَمِنْ أوْزَارِ} فيه وجهان:

أحدهما: أنَّ «مِنْ» مزيدة، وهو قول الأخفش، أي: وأوزار الذين، على معنى: ومثل أوزار؛ كقوله - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ -: «كَانَ عَليْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ منْ عَمِلَ بِهَا» .

الثاني: أنها غير مزيدة، وهي للتبعيض، أي: وبعض أوزار الذين، وقدَّر أبو البقاءِ: مفعولاً حذف، وهذه صفته، أي: وأوزار من أوزار، ولا بد من حذف «مثل» أيضاً.

ومنع الواحديُّ أن تكون «مِنْ» للتبعيض، قال: «لأنَّهُ يستلزم تخفيف الأوزار عن الأتباع، وهو غير جائز، لقوله - صلوات الله وسلامه عليه -:» مِنْ غَيْرِ أن يَنقُصَ مِنْ أوْزَارِهِمْ شيء «لكنها للجنس، أي: ليحملوا من جنس أوزار الأتباع» .

قال أبو حيان: «والتي لبيان الجنس لا تقدَّر هكذا؛ وإنَّما تقدر الأوزار التي هي أوزارُ الذين يذلونهم فهو من حيث المعنى موافق لقول الأخفش، وإن اختلفا في التقدير» .

قوله تعالى: {بِغَيْرِ عِلْمٍ} حال وفي صاحبها وجهان:

أحدهما: أنه مفعول يُضِلُّونَ «أي: يضلون من لا يعلم أنهم ضلالٌ؛ قاله الزمخشريُّ.

والثاني: أنه الفاعل، ورجَّح هذا بأنَّه المحدث عنه، وتقدم الكلام في إعراب نحو:» سَاء مَا يَزرُونَ «وأنَّها قد تجري مجرى بِئْسَ، والمقصود منه المبالغة في الزَّجْرِ.

فإن قيل: إنه - تعالى - حكى هذه الشُّبهة عنهم، ولم يجب عنها، بل اقتصر على محض الوعيد، فما السبب فيه؟ .

فالجواب: أنه - تعالى - بين كون القرآن معجزاً بطريقين:

<<  <  ج: ص:  >  >>