للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والثاني: قال الزمخشريُّ: واليمين بمعنى الأيمان، يعني أنَّه مفرد قائم مقام الجمع، وحينئذ فهما في المعنى جمعاً؛ كقوله تعالى {وَيُوَلُّونَ الدبر} [القمر: ٤٥] أي الأدبار.

الثالث: قال الفراء: لأنه إذا وحَّد ذهب إلى واحد من ذوات الظِّلال، وإذا جمع ذهب إلى كلِّها؛ لأن قوله تعالى {مَا خَلَقَ الله مِن شَيْءٍ} لفظه واحد، ومعناه الجمع، فعبر عن أحدهما بلفظ الواحد؛ كقوله تعالى {وَجَعَلَ الظلمات والنور} [الأنعام: ١] وقوله عَزَّ وَجَلَّ: {خَتَمَ الله على قُلُوبِهمْ وعلى سَمْعِهِمْ} [البقرة: ٧] .

الرابع: أنَّا إذا فسَّرنا اليمين بالمشرق؛ كانت النقطة التي هي مشرق الشمس واحدة بعينها، فكانت اليمين واحدة، وأما الشمائل فهي عبارة عن الانحرافات الواقعة في تلك الظلال بعد وقوعها على الأرض، وهي كثيرة؛ فلذلك عبَّر عنها بصيغة الجمع.

الخامس: قال الكرمانيُّ: «يحتمل أن يراد بالشمائل الشمال، والخلف، والقُدَّام؛ لأنَّ الظل يفيء من الجهات كلها، فبدأ باليمين؛ لأنَّ ابتداء الفيء منها، أو تيمُّناً بذكرها، ثم جمع الباقي على لفظة الشمال؛ لما بين اليمين، والشمال من التضادِّ، ونزَّل القدَّام والخلف منزلة الشمال؛ لما بينهما وبين اليمين من الخلاف» .

السادس: قال ابن عطية: «وما قال بعض الناس من أنَّ اليمين أول وقعةٍ للظل بعد الزوالِ، ثم الآخر إلى الغروب، هي عن الشمائلِ؛ ولذلك جمع الشمائل، وأفرد اليمين؛ لتخليطٌ من القول، ومبطل من جهات» .

وقال ابن عباسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما -: «إذا صليتَ الفجر كان ما بين مطلع الشمس، ومغربها ظلَاّ، ثم بعث الله عليه الشمس دليلاً؛ فقبض إليه الظِّلَّ؛ فعلى هذا فأول دورة الشمس فالظلُّ عن يمين مستقبل الجنوب، ثم يبدأ الانحرافُ، فهو عن الشمائل؛ لأنه حركاتٌ كثيرة، وظلالٌ منقطعة، فهي شمائلُ كثيرة؛ فكان الظل عن اليمين متصلاً واحداً عامًّا لكل شيءٍ» .

السابع: قال ابن الضائع رَحِمَهُ اللَّهُ: «وجمع بالنظر إلى الغايتين؛ لأنَّ ظل الغداة يضمحلُّ حتى لا يبقى منه إلا اليسيرُ، فكأنه في جهة واحدة، وهي بالعشيِّ - على العكس - لاستيلائه على جميع الجهات، فلحظت الغايتان في الآية، هذا من جهة المعنى، وأما من جهة اللفظ، ففيه مطابقة؛ لأنَّ» سُجَّداً «جمع، فطابقه جمع الشَّمائل؛ لاتصاله به؛ فحصل في الآية مطابقة اللفظ للمعنى، ولحفظهما معاً؛ وتلك الغاية في الإعجاز» .

قوله «سُجَّداً» حال من «ظِلالهُ» ، وسُجَّداً جمع ساجدٍ، كشَاهِدٍ وشُهَّد ورَاكِع ورُكَّع.

والسجودُ: الميل، يقال: سَجدتِ النَّخلةُ إذا مالتْ، وسَجدَ البَعيرُ إذَا طَأطَأ رأسه؛ وقال الشاعر: [الطويل]

٣٣١٦ - ... ... ... ... ... ... ... ... ...

<<  <  ج: ص:  >  >>