للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وأجيب بوجهين:

أحدهما: أنَّا لا نسلم أن قوله: {مَا تَرَكَ على ظَهْرِهَا مِن دَآبَّةٍ} يتناول جميع الدَّوابِّ.

قال الجبائي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إن المراد لو يؤاخذهم الله بما كسبوا من كفر، ومعصية لعجَّل هلاكهم، وحينئذ لا يبقى لهم نسلٌ، ومن المعلوم أنه لا أحد إلَاّ وفي أحد آبائه من يستحق العذاب، وإذا هلكوا؛ فقد بطل نسلهم، فكان يلزمه أن لا يبقى في العالم أحد من النَّاس، وإذا [هلكوا] ، وجب ألا يبقى أحد من الدَّواب أيضاً، لأن الدَّواب مخلوقةٌ لمنافع العباد، وهذا وجهٌ حسن.

الثاني: أنَّ الهلاك إذا ورد على الظَّلمةِ، ورد أيضاً على سائر النَّاس والدَّواب، فكان ذلك الهلاك في حق الظلمة عذاباً، وفي حق [غيرهم امتحاناً] ، وقد وقعت هذه الواقعة في زمن نوحٍ - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ -.

الثالث: أنه تعالى لو أخذهم لانقطع القطر، وفي انقطاعه انقطاع النَّبْت، فكان لا يبقى على ظهرها دابَّة.

عن أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - سمع رجُلاً يقول: إن الظَّالمَ لا يضُرُّ إلَاّ نفسه فقال: «لا والله، بل إنَّ الحبارى لتموتُ في وكْرِهَا بظلم الظالم» .

وعن ابن مسعودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه: كَادَ الجُعل يهلك في جحره بذنب ابن آدم؛ فهذه الوجوه الثَّلاثة مبنيةٌ على أنَّ لفظ الدابة يتناول جميع الدَّواب.

والجواب الثاني: أنَّ المراد بالدَّابة الكافر، قوله تعالى: {فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} [الأعراف: ٣٤] .

قوله: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ} ، أي: البنات التي يكرهونها لأنفسهم ومعنى: «

<<  <  ج: ص:  >  >>