قوله:» ممَّا في بطُونهِ «، ولا ضعف من هذه الجهة؛ لأنَّ التَّذكير، والتَّأنيث باعتبارين» .
قال شهابُ الدِّين: وضعفها عنده من حيث المعنى، وهو أنَّ المقصود الامتنان على الخلقِ، فنسبة السقي إلى الله هو الملائمُ لا نسبته إلى الأنعام.
قوله:{مِمَّا فِي بُطُونِهِ} يجوز أن تكون «مِنْ» للتبعيض، وأن تكون لابتداء الغاية وعاد الضمير ها هنا على الأنعام مفرداً مذكراً.
قال الزمخشريُّ: ذكر سيبويه الأنعام في باب ما لا ينصرف في الأسماء المفردة الواردة على أفعال، كقولهم «ثَوْب أسْمَال» ، ولذلك رجع الضمير إليه مفرداً، وأمَّا {فِي بُطُونِهَا}[المؤمنون: ٢١] في سورة المؤمنين، فلأنَّ معناه الجمع، ويجوز أن يقال في «الأنعام» وجهان:
أحدهما: أن يكون جمع تكسير: «نَعَم» كأجْبَال في جَبَل.
وأن يكون اسماً مفرداً مقتضياً لمعنى الجمعِ، فإذا ذكر، فكما يذكر «نَعَم» في قوله: [الرجز]
وإذا أنَّث ففيه وجهان: أنه تكسير نعم، وأنه في معنى الجمع.
قال أبو حيَّان: أمَّا ما ذكرهُ عن سيبويه، ففي كتابه في هذا الباب، ما كان على مثال مفاعل، ومفاعيل ما نصُّه:«وأمَّا أجمال، وفلوس فإنَّها تنصرف، وما أشبهها؛ لأنها ضارعت الواحد، ألا ترى أنك تقول: أقْوَال، وأقَاوِيل، وأعْرَاب، وأعَارِيب، وأيْدٍ، وأيَادٍ فهذه الأحرف تخرج إلى مثال: مفَاعِل، ومفَاعِيل كما يخرج إليه الواحد، إذا كسر الجمع، وأما مفاعل، ومفاعيل، فلا يكسر؛ فيخرج الجمع إلى بناء غير هذا البناء؛ لأنَّ هذا البناء هو الغاية فلما ضارعت الواحد صرفت» .
ثمَّ قال: وكذلك الفعول لو كسرت مثل الفلوس؛ لأن يجمع جمعاً لأخرجته إلى فَعائِل كما تقول: جَدُود، وجَدائِد، ورَكُوب، ورَكائِب، وركاب.
ولو فعلت ذلك بمفاعل، ومفاعيل، لم يجاوز هذا البناء، ويقوي ذلك أنَّ بعض العرب تقول:«أُتي» للواحد فيضم الألف، وأمَّا أفعال؛ فقد تقع للواحد، من العرب من يقول:«هو الأنعامُ» ، قال - الله عزَّ وجلَّ -: {نُّسْقِيكُمْ مِّمَّا فِي بُطُونِهِ} . وقال أبو الخطَّاب: