قال: والذي ذكره سيبويه: هو الفرق بين مفاعل ومفاعيل، وبين أفعال وفُعول وإن كان الجميع أبنية للجمع من حيث إنَّ مفاعل، ومفَاعِيل لا يجمعان، وأفعالٌ وفعولٌ قد يخرجان إلى بناء شبه مفاعل، أو مفاعيل فلما كانا قد يخرجان إلى ذلك انصرفا، ولم ينصرف «مفاعل» و «مفاعيل» لشبه ذينك بالمفرد من حيث إنه يمكن جمعها وامتناع هذين من الجمع، ثمَّ قوي شبههما بالمفرد بأن بعض العرب يقول في «أَتى»«أُتى» بضم الهمزة، يعني أنه قد جاء نادراً فعول، من غير المصدر للمفرد، وبأن بعض العرب قد يوقع أفعالاً للمفرد من حيث أفرد الضمير فيقول: هو الأنعامُ، وإنَّما ذلك على سبيل المجاز؛ لأنَّ الأنعام في معنى النعم والنَّعَم يفرد؛ كحما قال الشاعر:[الوافر]
ولذلك قال سيبويه: طوأمَّا أفعال فقد يقع للواحد «فقوله:» قد يقع للواحد «دليلٌ على أنه ليس ذلك بالوضع، فقول الزمخشريُّ:» إنَّه ذكره في الأسماءِ المفردةِ على أفعال «تحريف في اللفظ، وفهم عن سيبويه ما لم يرده، ويدلُّ على ما قلناه: أنَّ سيبويه حين ذكر أبنية الأسماء المفردة نص على أنَّ أفعالاً ليس من أبنيتها.
قال سيبويه في باب ما لحقته الزِّيادة من بنات الثلاثة:» وليس في الكلام أفعيل، ولا أفْعَول، ولا أُفْعَال، ولا أفْعِيل، ولا أفعالُ إلا أن تكسِّر عليه اسماً للجمع «، قال:» فهذا نصٌّ منه على أنَّ أفعالاً لا يكون في الأسماء المفردة «.
قال شهاب الدِّين: الَّذي ذكره الزمخشريَّ، وهو ظاهر عبارة سيبويه، وهو كافٍ في تسويغ عودِ الضمير مفرداً، وإن كان أفعالاً قد يقع موقع الواحد مجازاً، فإنَّ ذلك ليس بصائرٍ فيما نحن بصدده، ولم يحرِّف لفظه، ولم يفهم عنه غير مراده لما ذكرناه من هذا المعنى الذي قصده.
وقيل: إنَّما ذكر الضمير؛ لنه يعود على البعض، وهو الإناثُ؛ لأنَّ الذُّكور لا ألبان لها، والعبرة إنَّما هي في بعض الانعام.
وقال الكسائي - رَحِمَهُ اللَّهُ -:» أي في بطون ما ذُكِر «.
قال المبرِّد: وهذا سائغ في القرآن، قال تعالى:{كَلَاّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ}[عبس: ١١، ١٢] اي: هذا الشيء الطَّالع، ولا يكون هذا إلَاّ في التَّأنيث المجازي.