بئس ما صنعت، بل عظَّمه عليه، فدل ذلك على أنه لا يجب التكلُّم بكلمة الكفر.
وثانيها: ما روي أن مسيلمة الكذَّاب أخذ رجلين، فقال لأحدهما: ما تقول في محمَّد؟ فقال: رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، فقال: ما تقول فيَّ؟ قال: أنت أيضاً فتركه، وقال للآخر: ما تقول في محمد؟ قال: رسول الله، فقال: ما تقول فيَّ؟ قال: أنا أصمُّ، فأعاد عليه ثلاثاً، فأاد جوابه، فقتله، فبلغ ذلك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فقال: أما الأول فقد أخذ برخصة الله، وأما الثاني: فقد صدع بالحقِّ، فهنيئاً له فسمَّى التلفظ بكلمة الكفر رخصة، وعظَّم حال من أمسك عنه حتى قتل.
وثالثها: أن بذل [النفس] في تقرير الحق أشق، فوجب أن يكون أكثر ثواباً؛ لقوله - صلوات الله وسلامه عليه -: «أفْضَلُ العِبادَاتِ أحْمزُهَا» أي: أشقُّها.
ورابعها: أن الذي أمسك عن كلمة الكفر طهَّر قلبه ولسانه عن الكفر، وأمَّا الذي تلفَّظ بها فهب أن قلبه طاهرٌ، إلا أنَّ لسانه في الظاهر قد تلطخ بتلك الكلمة الخبيثة؛ فوجب أن يكون حال الأول أفضل.
فصل
الإكراه له مراتب:
أحدها: أن يجب الفعل المكروه عليه؛ كما لو أكره على شرب الخمر، وأكل الخنزير، وأكل الميتة، فإذا أكره عليه بالسَّيف فهاهنا، يجب الأكل؛ وذلك لأن صون الرُّوح عن الفواتِ واجبٌ، ولا سبيل إليه في هذه الصورة إلا بالأكل، وليس في هذا