طلب الآخرة راجحاً على طلب الدنيا تعارض المثلُ بالمثلِ، فيبقى القدر الزائدُ داعية خالصة لطلب الآخرة؛ فوجب كونه مقبولاً.
وأمَّا إذا كان طلب الدنيا وطلب الآخرة متعادلين، أو كان طلبُ الدنيا راجحاً، فقد اتفقوا على أنه غيرُ مقبولٍ، إلَاّ أنه على كلِّ حالٍ خير مما إذا كان طلب الدنيا خالياً بالكليَّة عن طلب الآخرة.
وأما القسم الرَّابع، وهو الإقدام على الفعل من غير داع، فهو مبنيٌّ على أنَّ صدور الفعل من القادر، هل يتوقَّف على حصول الدَّاعي أم لا؟ .
فالذين يقولون: إنَّه متوقِّف على حصول الداعي، قالوا: هذا القسم ممتنع الحصول، والَّذين قالوا: إنَّه لا يتوقَّف، قالوا: هذا الفعل لا أثر له في الباطن، وهو محرَّم في الظاهر؛ لأنه عبثٌ.
فصل في معنى الآية
معنى الآية أنه تعالى يمدُّ الفريقين بالأموال، ويوسِّع عليهما في الرِّزق، والعزِّ والزينة في الدنيا؛ لأنَّ عطاءه ليس بضيِّقٍ على أحدٍ مؤمناً كان أو كافراً؛ لأنَّ الكلَّ مخلوق في دار العمل؛ فوجب إزاحةُ العذر وإزالة العلَّة عن الكلِّ.
والتنوين في «كُلاًّ» عوضٌ من المضاف إليه، أي كلَّ واحد من الفريقين.