الأول: معناه أنَّ صاحب السَّمع، والبصر، والفؤاد هو المسئُول؛ لأنَّ السؤال لا يصحُّ إلَاّ من العاقل، وهذه الجوارح ليست كذلك، بل العاقل الفاهم هو الإنسان: لم سمعت ما لا يحلُّ سماعه، ولم نظرت إلى ما لا يحلُّ لك نظره، ولم عزمت على م الا يحلُّ لك العزم عليه.
والثاني: أن أولئك الأقوام كلهم مسئولون عن السمع، والبصر، والفؤاد، فيقال لهم: استعملتم السمع فيماذا، أفي الطاعة، أو في المعصية؟ وكذلك القولُ في بقيَّة الأعضاء، وذلك؛ لأنَّ الحواسَّ آلاتُ النَّفس، والنَّفسُ كالأمير لها، والمستعمل لها في مصالحها، فإن استعملها في الخيرات، استوجب الثواب، وإذا استعملها في المعاصي، استحقَّ العقاب.
والثالث: أنه تعالى يخلقُ الحياة في الأعضاء، ثمَّ إنها تسألُ؛ لقوله تعالى:{يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}[النور: ٢٤] فكذلك لا يبعد أن يخلق العقل، والحياة، والنطق في هذه الأعضاء، ثمَّ إنَّها تسال.
رُوي عن شكل بن حميدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قال:«أتَيْتُ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فقلت: يا رسُول الله، علِّمْنِي تعويذاً، أتعوَّذ به، فأخذ بيدي، ثم قال:» قُل اللهُمَّ؛ أعُوذُ بِكَ من شرِّ سمعي، وشرِّ بصري، وشرِّ لسَانِي، وشرِّ قلبي، وشرِّ مَنِيِّي «قال فحفظتها.