وخامسها: أنه على حد قولك: «ما أكل إلا حلواً أو حامضاً» أي: طعامه لا يخرج عن هذين، وليس الغرض إيقاع التردّد بل نفي غيرهما.
وسادسها: أن «أو» حرف إباحة، أي: بأي هذين شبّهت قلوبهم كان صدقاً كقولهم: «جالس الحَسَنَ أو ابن سيرين» أي أيهما جالست كنت مصيباً أيضاً. و «أشَدّ» مرفوع لعطفه على محل «كَالحِجَارةِ» أي: فهي مِثْلُ الحجارة أو أشد. والكاف يجوز أن تكون حرفاً فتتعلّق بمحذوف، وأن كون اسماً فلا تتعلّق بشيء، ويجوز أن يكون خبر المبتدأ محذوفاً أي: أو هي أشد.
و «قسوة» منصوب على التمييز؛ لأن الإبْهَامَ حصل في نسبة التفضيل إليهما، والمفضل عليه محذوف للدلالة عليه، أي: أشدّ قسوة من الحِجَارَةِ.
وقرىء:«أَشَدْ» بالفتح وَوَجْهُهَا: أنه عطفها على «الحجارة» أي: فهي كالحجارة أو [كأشد] منها.
قال الزمخشري موجهاً للرفع: و «أشد» معطوف على الكاف، إما على معنى: أو مثل أشد، فحذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه، وتعضده قراءة الأعمش بنصب الدال عطفاً على «الحجارة» ويجوز على ما قاله أن يكون مجروراً بالمضاف المحذوف ترك على حاله، كقراءة:{والله يُرِيدُ الآخرة}[الأنفال: ٦٧] بجر «الآخرة» أي: ثواب الآخرة، فيحصل من هذا أن فتحه الدال يُحتمل أن تكون للنصب، وأن تكون للجر.
وقال الزمخشري أيضاً: فإن قلت: لم قيل: أشدُّ قسوة مما يَخْرُج منه «أفعل» التفضيل وفعل التعجب؟ يعني: أنه [مستكمل] للشروط من كونه ثلاثياً تاماً غير لون ولا عاهة متصرفاً غير ملازم للنفي.
ثم قال: قلت: لكونه أبين وأدلّ على فرط القسوة، ووجهٌ آخر وهو الاّ يقصد معنى الأقسى، ولكنه [قصد] وصف القسوة بالشدة، كأنه «اشتدت قسوة الحجارة، وقلوبهم أشد قسوة» .