للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الصِّدق هو المعجز] فقط فهذا المعجو سواءٌ ظهر على الملكِ، أو على البشرِ، وجب الإقرارُ برسالته، فقولهم: «لا بُدَّ وأن يكون الرسول من الملائكة» : تحكم فاسد باطل.

والجواب الثاني عن شبهتهم، وهي أنَّ أهل الأرض لو كانوا ملائكة، لوجب أن يكون رسولهم من الملائكة؛ لأنّ الجنس إلى الجنس أميل، فلما كان [أهل الأرض] من البشر، فوجب أن يكون رسولهم من البشر؛ وهذا هو المراد من قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِي الأرض ملاائكة يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السمآء مَلَكاً رَّسُولاً} [الإسراء: ٩٥] .

الجواب الثالث: قوله تعالى: {قُلْ كفى بالله شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} .

وتقريره أنَّ الله تعالى، لمَّا أظهر المعجزة على وفق دعواى، كان ذلك شهادة من الله تعالى على كوني صادقاً، ومن شهد الله على صدقه، فهو صادق، فقولكم بأنَّ الرسول يجب أن يكون ملكاً، فذلك تحكُّم فاسدٌ؛ لا يلتفت إليه. ولمَّا ذكر الله تعالى هذه الأجوبة الثلاثة، أردفها بما يجري مجرى التهديد، والوعيد؛ فقال: {إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً} [الإسراء: ٩٦] . أي: يعلم ظواهرهم وبواطنهم، ويعلم أنَّهم لا يذكرون هذه الشبهات إلا لمحض الحسد، وحبِّ الرياسة.

قوله: {أَن يؤمنوا} : مفعولٌ ثانٍ ل «مَنَع» ، أي: ما منعهم إيمانهم؛ و «أن قالوا» هو الفاعل، و «إذْ» ظرف ل «مَنعَ» ، والتقدير: وما منع الناس من الإيمان وقت مجيء الهدى إيَّاهم إلا قولهم: أبعث الله.

وهذه الجملة المنفيَّة يحتمل أن تكون من كلام الله، فتكون مستأنفة، وأن تكون من كلام الرسول، فتكون منصوبة المحلِّ؛ لاندراجها تحت القول في كلتا القراءتينز

قوله: {بَشَراً رَّسُولاً} تقدَّم في نظيره وجهان، وكذلك قوله {لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السمآء مَلَكاً رَّسُولاً} .

قوله تعالى: {قُل لَوْ كَانَ فِي الأرض} : يجوز في «كَانَ» هذه التمام، أي: لو وجد، وحصل، و «يَمشُونَ» صفة ل «مَلائِكَة» و «في الأرض» متعلِّق به، «مُطْمئنينَ» حال من فاعل «يَمشُونَ» ، ويجوز أن تكون الناقصة، وفي خبرها أوجه، أظهرها: أنه الجار، و «يَمشُون» و «مُطمَئنِّينَ» على ما تقدم.

وقيل: الخبر «يمشُون» و «في الأرض» متعلق به.

وقيل: الخبر «مُطمئنِّينَ» و «يمشُونَ» صفة، وهذان الوجهان ضعيفان؛ لأنَّ المعنى على الأول.

فإن قيل: إنَّه تعالى لو قال: قل لو كان في الأرض ملائكة، لنزَّلنا عليهم من السَّماء ملكاً رسولاً كان كافياً في هذا المعنى. فما الحكمة في قوله: {يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ} ؟! .

<<  <  ج: ص:  >  >>