وأما عند النحويين [فيطلق] على اللّفظ المركب المفيد بالوضع.
و «ثم» للتراخي إما في الزمان أو الرتبة.
و «التحريف» : الإمالة والتحويل، وأصله من الانحراف عن الشيء، ويقال: قلم محرّف إذا كان مائلاً.
قوله: «منْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ» متعلق ب «يحرفونه» ، و «ما» يجوز أن تكن موصولة اسمية، أي: ثم يحرفون الكلام من بعد المعنى الذي فهموه وعرفوه، ويجوز أن تكون مصدرية.
والضمير في «عقلوه» يعود حينئذ على الكلام أي: من بعد تعقلهم إياه.
قوله: «وَهُمْ يَعْلَمُونَ» جملة حالية، وفي العامل قولان:
أحدهما: «عقلوه» ، ولكن يلزم منه أن تكون حالاً مؤكدة؛ لأن معناها قد فهم من قوله: «عقلوه» .
والثاني وهو الظاهر: أنه «يحرفونه» ، أي: يحرفونه حال علمهم بذلك.
فصل في تعيين الفريق
قال بعضهم: الفريق مَنْ كان في زمن موسى عليه الصَّلاة والسَّلام؛ لأنه وصفهم بأنهم سمعوا كلام الله، والذين سمعوا كلام الله هم أهل المِيْقَاتِ.
قال ابن عباس: هذه الآية نزلت في السَبعين المختارين الذين ذهبوا مع موسى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ إلى المِيْقَات، سمعوا كلام الله، وأمره ونهيه، فلما رجعوا إلى قومهم رجع الناس إلى قولهم، وأما الصادقون منهم فأدّوا كما سمعوا.
قالت طائفة منهم: سمعنا الله في آخر كلامه يقول: إن استطعتم أن تفعلوا هذه الأشياء فافعلوا، وإن شئتم ألَاّ تفعلوا فلا بأس.
قال القرطبي: ومن قال: إنّ السبعين سمعوا كما سمع موسى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ فقد أخطأ، وأذهب بفضيلة موسى، واختصاصه بالتكليم.
وقال السُّدِّي وغيرهك لم يطيقوا سماعه، واختلطت أذهانهم، ورغبوا أن يكون موسى يسمع ويعيده لهم، فلمَّا فرغوا وخرجوا بدلت طائفة منهم ما سمعت من كلام الله على لسان موسى عليه الصلاة والسَّلام، كما قال تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ المشركين استجارك فَأَجِرْهُ حتى يَسْمَعَ كَلَامَ الله} [التوبة: ٦] .
ومنهم من قال: المراد بالفريق مَنْ كان في زمن محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كما غيّروا آية