للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فصل

قيل: المعنى: ولبثوا في كهفهم سنين ثلاثمائة {وازدادوا تِسْعاً} .

قال الكلبيُّ: قالت نصارى نجران: أما الثلاثمائة، فقد عرفناها، وأما التسع، فلا علم لنا بها، فنزلت: {قُلِ الله أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُواْ} .

روي عن عليٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - أنه قال: عند أهل الكتاب: أنَّهم لبثُوا ثَلاثمائَةٍ شَمْسيَّة، والله تعالى ذَكرَ ثَلاثمَائةِ سنةٍ قمريَّة، والتَّفاوتُ بين الشَّمسية والقمريَّة في كلِّ مائةِ سنةٍ ثلاث سنين، فيكونُ ثَلاثمائَةٍ، وتِسْع سنينَ، فَلذلِكَ قال: «وازْدَادُوا تِسْعاً» .

قال ابن الخطيب: وهذا مشكلٌ؛ لأنه لا يصحُّ بالحساب، فإن قيل: لِمَ لا قيل: ثلاثمائة، وتسع سنين؟ .

وما الفائدة في قوله: «وازْدَادُوا تِسْعاً» ؟ .

فالجواب: أن يقال: لعلَّهم لما استكمل لهم ثلاثمائة سنة، قرب أمرهم من الانتباه، ثمَّ اتفق ما أوجب [بقاءهم في النَّوم] تسع سنين.

قوله: «تِسْعاً» أي: تسع سنين، حذف المميِّز؛ لدلالةِ ما تقدَّم عليه؛ إذ لا يقال: عندي ثلاثمائة درهم وتسعة، إلا وأنت تعني: تسعة دراهم، ولو أردتَّ ثياباً ونحوها، لم يجزْ؛ لأنه إلغازٌ، و «تِسْعاً» مفعولٌ به، وازداد: افتعل، أبدلت التاء دالاً بعد الزاي، وكان متعدِّياً لاثنين؛ نحو: {وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} [الكهف: ١٣] ، فلما بني على الافتعال، نقص واحداً.

وقرأ الحسن وأبو عمرو في رواية «تسعاً» بفتح التاء كعشرٍ.

قوله: {قُلِ الله أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُواْ} أنه تعالى أعلم بمقدار هذه المدَّة من الناس الذين اختلفوا فيها؛ لأنَّه إله السموات والأرض ومدبِّر العالم له غيبُ السَّموات والأرض.

والغَيْبُ: ما يغيب عن إدراكك، والله - تعالى - لا يغيبُ عن إدراكه شيءٌ، ومن كان عالماً بغيب السموات والأرض، يكون عالماً بهذه الواقعة، لا محالة.

قوله: {أَبْصِرْ بِهِ} : صيغة تعجُّب بمعنى «مَا أبْصرَهُ» على سبيل المجاز، والهاء لله تعالى، وفي مثل هذا ثلاثة مذاهب: الأصح: أنه بلفظ الأمر، ومعناه الخبر، والباء مزيدة

<<  <  ج: ص:  >  >>