للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقرأ عبد الله: «أن أذكركه» ، وقرأ أبو حيوة: «واتِّخاذَ سبيلهِ» عطف هذا المصدر على مفعول «أذكرهُ» .

قوله: «عَجَباً» فيه أوجهٌ:

أحدها: أنه مفعول ثانٍ ل «اتَّخذَ» و «في البحْرِ» يجوز أن يتعلق بالاتخاذِ، أو بمحذوفٍ على أنه حالٌ من المفعول الأول أو الثاني.

وفي فاعل «اتَّخذ» وجهان:

أحدهما: هو الحوتُ، كما تقدَّم في «اتَّخذ» الأولى.

والثاني: هو موسى.

الوجه الثاني من وجهي «عَجَباً» أنه مفعول به، والعامل فيه محذوف، فقال الزمخشريُّ: «أو قال: عجباً في آخر كلامه تعجباً من حاله، وقوله: {وما أنسانيه إلَاّ الشيطان} اعتراضٌ بين المعطوف والمعطوف عليه» . فظاهر هذا أنَّه مفعول ب «قال» ، أي: قال هذا اللفظ، والسبب في وقوع هذا الاعتراض ما يجري مجرى القدر والعلة لوقوع ذلك النسيان.

الثالث: أنه مصدر، والعامل فيه مقدَّر، تقديره: فتعجَّب من ذلك عجباً.

الرابع: أنه نعت لمصدر محذوف، ناصبه «اتَّخذَ» أي: اتخذ سبيله في البحر اتِّخاذاً عجباً، وعلى هذه الأقوال الثلاثة: يكون «في البَحْرِ» مفعولا ثانياً ل «اتَّخذَ» إن عدَّيناها لمفعولين.

فصل

دلَّت الرواياتُ على أنَّه تعالى بيَّن لموسى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أنَّ هذا العالم موضعه مجمع البحرين، إلا أنَّه ما عيَّن موضعاً، إلا أنَّه جعل انقلاب الحوت حيًّا علامة على مسكنه المعيَّن، كمن يطلب إنساناً، فيقال له: إنَّ موضعه محل! َة كذا من كذا، فإذا انتهيت إلى المحلَّة، فسل فلاناً عن داره، فأينما ذهب بك، فاتبعه؛ فإنَّك تصل إليه، فكذا هنا قيل له: إنَّ موضعه مجمع البحرين، فإذا وصلت إليه، ورأيت انقلاب الحوت حيًّا وطفر إلى البحر، فيحتمل أنَّه قيل له: فهناك موضعه، ويحتمل أنَّه قيل له: فاذهب على موافقة ذلك الحوت؛ غفإنَّك تجدهُ.

وإذا عرفت هذا فنقول: إن موسى وفتاه، لمَّا بلغا مجمع بينهما، طفرت السَّمكةُ إلى البحر، وسارت، وفي كيفيَّة طفرها روايات.

فقيل: إن الفتى غسل السَّمكة، لأنها كانت مملحة، فطفرت وسارت.

وقيل: إنَّ يوشع توضَّأ في ذلك المكان من عينٍ تسمَّى «مَاءَ الحياةِ» لا يصيبُ ذلك الماءُ شيئاً إلَاّ حيي، فانتضح الماء على الحوت المالح، فعاش ووثب في الماء.

وقيل: انفجر هناك عينٌ من الجنَّة، ووصلت قطراتٌ من تلك العين إلى السَّمكة،

<<  <  ج: ص:  >  >>