وقال تعالى:{إِلَاّ إِذَا تمنى أَلْقَى الشيطان في أُمْنِيَّتِهِ}[الحج: ٥٢] أي: قرأ وتلا. والأصل على هذا:«أُمْنُويَة» فأعلت إعلال «ميت» و «سيد» وقد تقدم.
وقيل: الأمنية: الكذب والاختلاق.
قال أعرابي لابن دَأْب في شيء يحدث به: أهذا الشيء رويته أم تمنيته أي: اختلقته.
وقيل: ما يتمّناه الإنسان ويشتهيه.
وقيل:: ما يقدره ويحزره من مَتَّى: إذا كذب، أو تمنى، أو قدر؛ كقوله:[البسيط]
قال الراغب: والمني: التقدير، ومنه «المَنَا» الذي يُوزَن به، ومنه «المنية» وهو الأجل المقدر للحيوان، «والتَّمَنِّي» : تقدير شيء في النفس وتصويره فيها، وذلك قد يكون عن ظنّ وتخمين، وقد يكون بناء على رَوِيَّةٍ وأصل، لكن لما كان أكثره عن تخمين كان الكذب أملك له، فأكثر التمني تصوّر ما لاحقيقة له [والأمنية: الصورة الحاصلة في النفس من تمني الشيء] .
ولما كان الكذب تصوّر ما لا حقيقة له وإيراده باللفظ الدَّال صار التمني كالمبدأ للكذب فعبر عنه.
ومنه قوله عثمان:«ما تغنيت ولا تمنيت منذ أسلمت» .
وقال الزمخشري: والاشتقاق من منَّى: إذا قدَّر؛ لأن المتمني يُقَدِّرُ في نفسه، ويَحْزر ما يتمناه، وكذلك المختلق، والقارىء يقدر أن كلمة كذا بعد كذا، فجعل بين هذه المعاني قدراً مشتركاً وهو واضح.