وقال أبو مسلم: حَمْله على تمني القلب أولى بقوله تعالى: {وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الجنة إِلَاّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نصارى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ}[البقرة: ١١١] .
وقال الأكثرون: حمله على القراءة أليق؛ لأنا إذا حَمَلْنَاه على ذلك كان له به تعلّق، فكأنه قال: لا يعلمون الكتاب إلَاّ بقدر ما يتلى عليهم فيسمعونه، وبقدر ما يذكر لهم فيقبلونه، ثم إنَّهُمْ لا يتمكّنون من التدبُّر والتأمل، وإذا حمل على أن المراد الأحاديث والأكاذيب أو الظن والتقدير وحديث النفس كان الاستثناء فيه نادراً.
قوله:{وَإِنْ هُمْ إِلَاّ يَظُنُّونَ}«إن» نافية بمعنى «ما» وإذا كانت نافية المشهور أنها لا تعمل عمل «ما» الحِجَازية.
فقوله:«هم» في محل رفع الابتداء لا سام «إن» لأنها لم تعمل على المشهور، و «إلا» للأستثناء المفرغ، ويظنون في محلّ الرفع خبراً لقوله «هم» .
وحذف مفعولي الظَّن للعمل بهما واقتصاراً، وهي مسألة خلاف.
فصل في بطلان التقليد في الأصول
الآية تدلّ على بطلان التقليد.
قال ابن الخطيب: وهو مشكل؛ لأن التقليد في الفروع جائز عندنا.
قوله:{فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الكتاب}«ويل» مبتدأ، وجاز الابتداء به وإن كان نكرة، لأنه دعاء عليهم، والدعاء من المسوغات، سواء كان دعاء له نحو:«سَلَامٌ عَلَيْكُمْ» أو دعاء عليه كهذه الآية، والجار بعده الخبر، فيتعلّق بمحذوف.
وقال أبو البقاء: ولو نصب لكان له وجه على تقدير: ألزمهم الله ويلاً، واللام