الإنسان لمَّا حاول الرُّجوع، أخرجهم الدليل إلى البقاع المحاذية لسمرقند.
فصل في مقتضى هذا الخبر
قال أبو الرَّيحان البيرونيُّ: مقتضى هذا الخبر أنَّ موضعه في الربع الشماليِّ الغربيِّ من المعمورة.
قوله:{يَفْقَهُونَ} : قرأ الأخوان بضمِّ الياء، وكسر القاف، من أفقه غيره، فالمفعول محذوف، أي: لا يفقهون غيرهم قولاً، والباقون بفتحهما، أي: لا يفهمون كلام غيرهم، وهو بمعنى الأول، وقيل: ليس بمتلازمٍ؛ إذ قد يفقه الإنسان كلام غيره، ولا يفقه قوله غيره، وبالعكس.
فصل في كيفية فهم ذي القرنين كلام أولئك القوم
لمَّا بلغ ذو القرنين ما بين السَّدين {وَجَدَ مِن دُونِهِمَا}[أي] من ورائهما مجاوزاً عنهما «قوماً» ، أي: أمَّة من الناس {لَاّ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً} .
فإن قيل: كيف فهم ذو القرنين منهم هذا الكلام، بعد أن وصفهم الله تعالى بقوله:{لَاّ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً} ؟ .
فالجواب من وجوه:
أحدهما: قيل: كلّم عنهم مترجمٌ؛ ويدل عليه قراءة ابن مسعودٍ: لا يكادون يفقهون قولاً، قال الذين من دونهم: يا ذا القرنين {إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوج} .
وثانيها: أن قوله: {لَاّ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً} يدلُّ على أنَّهم قد يفقهون بمشقَّة وصعوبة [من إشارة ونحوها] .
وثالثها: أنَّ «كاد» معناه المقاربة؛ وعلى هذا، فلا بدَّ من غضمارٍ، تقديره: لا يكادون يفقهون إلَاّ بمشقةٍ؛ من إشارة ونحوها.
قوله:{يَأْجُوجَ وَمَأْجُوج} : قرأ عاصم بالهمزة الساكنة، والباقون بألف صريحة، واختلف في ذلك؛ فقيل: هما أعجميَّان، لا اشتقاق لهما، ومنعا من الصرف؛ للعلميَّة