للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أي: لا امتياز بيني وبينكم في شيء من الصفات إلَاّ في أنَّ الله تعالى، أوحى إليّ أنَّه لا إله غلَاّ هو الواحد الأحد.

قال ابن عبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما -: علَّم الله - عزَّ وجلَّ - رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ التواضع، فأمره أن يُقرَّ، فيقول: أنا آدميٌّ مثلكم إلَاّ أنِّي خُصِصْتُ بالوحي.

قوله: {أَنَّمَآ إلهكم إله وَاحِدٌ} وهو يدلُّ على مطلوبين:

أحدهما: أن كلمة «أنَّما» تفيد الحصر.

والثاني: كون الإله واحداً.

قوله: {أَنَّمَآ إلهكم} : «أنَّ» هذه مصدرية، وإن كانت مكفوفة ب «ما» وهذا المصدر فائمٌ مقام الفاعل؛ كأنَّه قيل: إنَّما يوحى إليَّ التوحيد.

قوله: {فَمَن كَانَ يَرْجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِ} .

الرَّجاء: هو ظنُّ المنافع الواصلة، والخوفُ: ظنُّ المضارِّ الواصلة إليه، فالرَّجاءُ هو الأملُ.

وقيل: معنى «يَرْجُو لقاءَ ربِّه» أي: يخاف المصير إليه، فالرجاء يكون بمعنى الخوف، والمل جميعاً؛ قال الشاعر: [الطويل]

٣٥٧٦ - فَلَا كُلُّ مَا تَرجُو مِنَ الخَيْرِ كَائِنٌ ... ولا كَلُّ مَا تَرْجُو من الشَّرِ واقِعُ

فجمع بين المعنيين، وأهل السُّنة حملوا لقاء الربِّ على رؤيته. والمعتزلة حملوه على لقاء ثواب الله.

قوله تعالى: {فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَاً} .

قرأ العامة: «ولا يُشْرِكْ» بالياء من تحتُ، عطف نهي على أمرٍ، ورُويَ عن أبي عمرو «ولا تُشْرِكْ» بالتاءِ من فوق؛ خطاباً على الالتفات من الغيبة إلى الخطاب، ثم التفت في قوله «بِعبادَةِ ربِّهِ» إلى الأول، ولو جيء على الالتفات الثاني، لقيل: «ربِّك» والباء سببيةٌ، أي: بسبب. وقيل: بمعنى «في» .

فصل في ورود لفظ الشرك في «القرآن الكريم»

قال أبو العبَّاس المقري: ورد لفظ الشِّرْك «في القرآن بإزاء معنيين:

الأول: بمعنى الشِّرك في العمل؛ كهذه الآية.

الثاني: بمعنى العَدْل؛ قال تعالى: {واعبدوا الله وَلَا تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً} [النساء: ٣٦] . أي: ولا تعدلوا به شيئاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>