للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قال: وأكثر استعماله مُثَنَّى؛ كقولهم: حَنَانَيْكَ، وقوله:

٣٥٨٣ - ب - ... ... ... ... ... ... ... ... . ... حَنانَيْكَ بَعْضُ الشَّرِّ أهْوَنُ من بعضِ

[وجوَّز] فيه أبو البقاء أن يكون مصدراً، كأنَّه يريدُ به المصدر الواقع في الدعاء؛ نحو: سَقْياً ورَعْياً، فنصبه بإضمار فعلٍ [كأخواته] ، ويجوز أن يرتفع على خبر ابتداءٍ مضمر؛ نحو: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} [يوسف: ١٨] و {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ} [الأعراف: ٤٦] في أحد الوجهين، وأنشد سيبويه: [الطويل]

٣٥٨٤ - وقَالَتْ حنانٌ مَا أتى بِكَ هَهُنَا ... اذُو نسبٍ أمْ أنْتَ بالحَيِّ عارفُ

وقيل لله تعالى: حنَّّانٌ، كما يقال له «رَحِيمٌ» قال الزمخشريُّ: «وذلك على سبيل الاستعارةِ» .

فصل في المراد ب «حَنَاناً»

اعلم أن الحنان: أصله من الحنينن، وهو الارتياحُ، والجزع للفراق كما يقال: حنينُ النَّاقة، وهو صوتها، إذا اشتاقت إلى ولدها، ذكره الخليل.

وفي الحديث: أنَّه - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - كان يُصلِّي إلى جذع في المسجد، فلمَّا اتَّخذ المنبر، وتحوَّل إليه، حنَّت تلك الخشبةُ، حتَّى سُمِعَ حنينُها، وهذا هو الأصل، ثُمَّ يقال: تَحَنَّنَ فلانٌ على فلانٍ، إذا [تعطَّف] عليه ورحمهُ.

واختلف الناس في وصف الله تعالى بالحنان، فأجازه بعضهم، وجعلهُ بمعنى الرَّؤُوف الرَّحيم، ومنهم من أباه؛ لما يرجع إليه أصلُ الكلمة.

قالوا: ولم يصحُّ الخبر بهذه اللفظة في أسماء الله تعالى.

وإذا عرف هذا، فنقولُ: في الحنانِ ها هنا وجهانِ:

الأول: أن نجعله صفةً لله تعالى.

والثاني: أن نجعله صفةُ ل «يحيى» ، فإن جعلناه صفة لله تعالى، فيكونُ التقديرُ: وآتيناهُ الحكم حناناً، أي: رحمةً منَّا.

ثم هاهنا احتمالات:

<<  <  ج: ص:  >  >>