قال: وأكثر استعماله مُثَنَّى؛ كقولهم: حَنَانَيْكَ، وقوله:
٣٥٨٣ - ب - ... ... ... ... ... ... ... ... . ... حَنانَيْكَ بَعْضُ الشَّرِّ أهْوَنُ من بعضِ
[وجوَّز] فيه أبو البقاء أن يكون مصدراً، كأنَّه يريدُ به المصدر الواقع في الدعاء؛ نحو: سَقْياً ورَعْياً، فنصبه بإضمار فعلٍ [كأخواته] ، ويجوز أن يرتفع على خبر ابتداءٍ مضمر؛ نحو:{فَصَبْرٌ جَمِيلٌ}[يوسف: ١٨] و {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ}[الأعراف: ٤٦] في أحد الوجهين، وأنشد سيبويه:[الطويل]
وقيل لله تعالى: حنَّّانٌ، كما يقال له «رَحِيمٌ» قال الزمخشريُّ: «وذلك على سبيل الاستعارةِ» .
فصل في المراد ب «حَنَاناً»
اعلم أن الحنان: أصله من الحنينن، وهو الارتياحُ، والجزع للفراق كما يقال: حنينُ النَّاقة، وهو صوتها، إذا اشتاقت إلى ولدها، ذكره الخليل.
وفي الحديث: أنَّه - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - كان يُصلِّي إلى جذع في المسجد، فلمَّا اتَّخذ المنبر، وتحوَّل إليه، حنَّت تلك الخشبةُ، حتَّى سُمِعَ حنينُها، وهذا هو الأصل، ثُمَّ يقال: تَحَنَّنَ فلانٌ على فلانٍ، إذا [تعطَّف] عليه ورحمهُ.
واختلف الناس في وصف الله تعالى بالحنان، فأجازه بعضهم، وجعلهُ بمعنى الرَّؤُوف الرَّحيم، ومنهم من أباه؛ لما يرجع إليه أصلُ الكلمة.
قالوا: ولم يصحُّ الخبر بهذه اللفظة في أسماء الله تعالى.
وإذا عرف هذا، فنقولُ: في الحنانِ ها هنا وجهانِ:
الأول: أن نجعله صفةً لله تعالى.
والثاني: أن نجعله صفةُ ل «يحيى» ، فإن جعلناه صفة لله تعالى، فيكونُ التقديرُ: وآتيناهُ الحكم حناناً، أي: رحمةً منَّا.