الجدول، فقال له الحسنُ» مِنْ ثمَّ [تُعْجِبُنِي مُجَالستُكَ «] .
واحتجَّ من قال: هو النَّهر «بأنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ سُئِلَ عن السَّريِّ، فقال - صلوات الله عليه وسلامه - هو الجدولُ» وبقوله سبحانه وتعالى: {فَكُلِي واشربي} فدلَّ على أنَّه على أنَّه النَّهر؛ حتى ينضاف الماءُ إلى الرُّطب، فتأكل وتشرب.
واحتجَّ من قال: إنَّه عيسى بأنَّ النهر لا يكون تحتها، بل إلى جنبها، ولا يجوزُ أن يكون يُجابُ عنه بأن المراد أنَّه جعل النَّهر تحت أمرها يجري بأمرها، ويقف بأمرها؛ لقوله:{وهذه الأنهار تَجْرِي مِن تحتيا}[الزخرف: ٥١] لأنَّ هذا حمل اللفظ على مجازه، ولو حملناه على عيسى، لم يحتج إلى هذا المجاز.
وأجيب: بما تقدَّم أن المكان المستوي، إذا كان فيه مبدأٌ معيَّنٌ، فكلُّ من كان أقرب منه، كان فوق، وكل من كان أبعد منه، كان تحت.
فصل في التفريع على القول بأن السريّ النهر
إذا قيل: إنَّ السَّرِيَّ: هو النَّهْر، ففيه وجهان:
الأول: قال ابنُ عبَّاس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما -: إنَّ جبرائيل - صلواتُ الله عليه وسلامه - ضرب برجله الأرض.
وقيل: عيسى؛ فظهرت عينُ ماءٍ عذبٍ، وجرى.
وقيل: كان هناك ماءٌ جارٍ؛ والأول اقربُ؛ لأن قوله {قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً} يدلُّ على الحدوث في ذلك الوقت؛ ولأنَّ الله تعالى ذكرهُ تعظيماً لشأنها، وذلك لا يدلُّ إلا على الوجه الذي قلناه.
وقيل: كان هناك نهرٌ يابسٌ أجرى الله فيه الماء، وحيث النخلة اليابسة، فأورقتْ، وأثمرتْ، وأرطبتْ.