قضائها جاز عند الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -، ولو دخل عليه وقت فريضة وتذكر فائتة، فإن كان في الوقت سعة استحب أن يبدأ بالفائتة، ولو بدأ بصلاة الوقت جاز، وأن ضاق الوقت بحيث لو بدأ بالفائتة فاتت صلاة الوقت فيجب البداءة بصلاة الوقت لئلا تفوت الأخرى. ولو تذكر الفائتة بعد ما شرع في صلاة الوقت أتمّها ثم قضى الفائتة. ويستحبّ أن يعيد صلاة الوقت بعدها، ولا يجب. وقال أبو حنيفة رَحِمَهُ اللَّهُ: يجب الترتيب في قضاء الفوائت ما لم تزد على صلاة يوم الجمعة حتى قال: ولو تذكر في صلاة الوقت فائتة تركها اليوم يبطل فرض الوقت، فيقضي الفائتى، ثم يعيد صلاة الوقت إلا أن يكون الوقت ضيِّقاً فلا يبطل، واستدل بالآية والخبر والقياس والأثر. أما الآية فقوله تعالى:{أَقِمِ الصلاة لِدُلُوكِ الشمس}[الإسراء: ٧٨] أي عند دلوك الشمس، فالمعنى: أَقِم الصَّلَاةَ عِنْدَ تَذْكرها، وذلك يقتضي وجوب الترتيب. وأما الخبر فقوله عليه السلام:«مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَها» والفاء للتعقيب. وروي في الصحيحين «أنَّ عُمَرَ بن الخطاب جاء إلى النَّبيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يومَ الخندق فجعَلَ يَسُبُّ كفارَ قريش ويقول: والله يا رسول الله ما صلَّيْتُ العصرَ حتَّى كادت الشَّمْسُ تغربَ. فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:» وَأنَا والله ما صلَّيْتُهَا بعد «قال: فنزل إلى بُطْحَان فَصلى العصرَ (بَعْدَ ما غَرَبَت الشمسُ) ثم صلى بعدها المغرب» والاستدلال به من وجهين:
أحدهما: أنه قال: «صَلُّوا كَمَا رَأيْتُمُونِي أُصَلِّي» وقد صلى الفوائت على الولاء فيجب علينا اتباعه.