للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والثاني: أن فعلَ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إذا خرج مخرج البيان للمجمل كان حجة، وهذا الفعل خرج بياناً لمجمل قوله: «أَقِيمُوا الصَّلاةَ» ولهذا قالوا: إن الفوائت إذا كانت قليلة يجب مراعاة الترتيب فيها، فإذا كثرت سقط الترتيب للمشقة. وأما الأثر: فرُوِي عن ابن عمر أنه قال: «مَنْ فاتَهُ صلاةٌ فَلَمْ يَذْكُرْهَا إلا في صَلاةِ الإمام فليمض في صلاته، فإذَا قَضَى صلاتَه مع الإمَام يُصَلِّي ما فاته، ثم ليعُد التي صلاها مع الإمام» وروي ذلك مرفوعاً إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.

وأما القياس: فإنهما صلاتا فرض جمعهما وقت واحد في اليوم والليلة، فأشبهتا صلاتي عرفةٍ والمزدلفة، فلما لم يجب إسقاط الترتيب فيهما، وجي أن يكون حكم الفوائت فيما دون اليوم والليلة كذلك.

واحتج الشافعي رَحِمَهُ اللَّهُ بما روى أبو قتادة: «أنَّهُمْ لَمَّا نَامُوا عَنْ صَلَاةِ الفَجْرِ ثُمَّ انْتَبَهُوا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَمَرَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنْ يقُودُوا رَوَاحِلَهُم ثُمَّ صَلَاّهَا» ولو كان وقت التذكير معيناً للصلاة لما جاز ذلك، فعلمنا أن ذلك الوقت وقت لتقرر الوجوب عليه، لكن لا على سبيل التضييق بل على سبيل التوسع، وإذا ثبت هذا فنقول: إيجاب قضاء الفوائت، وإيجاب أداء فرض الوقت الحاضر يجري مجرى التخيير بين الواجبين، فوجب أن يكون المكلف مخيراً في تقديم أيهما شاء، ولأنه لو كان الترتيب واجباً في الفوائت لما سقط بالنسيان، ألا ترى أنه إذا صلى الظهر والعصر بعرفة في يوم غيْم، ثم تبين أنه صلى الظهر قبل الزوال (والعصر بعد الزوال) فإنه يعيدهما جميعاً، ولم يسقط الترتيب بالنسيان لما

<<  <  ج: ص:  >  >>