لقوله:«لَا تَعْبُدُونَ» فإنه في معنى النهي كما تقدم، كأنه قال: لا تبعدوا إلا الله وأحسنوا بالوالدين، ويجوز أن يقدر خبراً مراعاة لِلَفْظِ «لَا تَعْبُدُونَ» والتقدير: وتحسنون [وإن كان معناه الأمر، وبهذين] الاحتمالين قدره الزمخشري، وينتصب «إحساناً» حينئذ على المصدر المؤكّد لذلك الفعل المحذوف.
وفيه نظر من حيث إن حذف عامل المؤكّد منصوصٌ على عدم جوازه، وفيه بحث ليس هذا موضعه.
الثالث: أن يكون التقدير: واستوصوا بالوالدين، ف «البَاء» متعلّقة [بهذا الفعل المقدر] أيضاً، وينتصب «إحساناً» حينئذ على أنه مفعول به.
الرابع: تقديره: وَوَصَّيْنَاهُمْ بالوالدين، فالباء متعلّقة بالمحذوف أيضاً، وينتصب «إحساناً»[حينئذ] على أنه مفعول لأجله، أي: لأجل إحساننا إلى الموصى بهم من حيث إنّ الإحسان متسبّب عن وصيتنا بهم، أو الموصى لما يترتب الثواب منّا لهم إذا أحسنوا إليهم.
الخامس: أن تكون الباء وما عملت فيه عطفاً على قوله: «لَا تَعْبُدُونَ» إذا قيل بأن «أن» المصدرية مقدرة فينسبك منها ومما بعدها مصدر يعطف عليه هذا المجرور، والتقدير: أخذنا ميثاقهم بإفراد الله بالعبادة وبالوالدين، أي: وببرّ الوالدين، أو: بإحسان إلى الوالدين، فتتعلّق «الباء» حينئذ ب «الميثاق» لما فيه من مَعْنَى الفعل، فإن الظرف وشبهه تعمل فيه رَوَائح الأفعال، وينتصب «إحساناً» حينئذ على المصدر من ذلك المضاف المحذوف، وهو «البر» لأنه بمعناه، أو الإحسان الذي قدرناه.
والظّاهر من هذه الأوجه هو الثَّاني، لعدم الإضمار اللازم في غيره، أو لأن ورود المصدر نائباً عن فعل الأمر مطّرد شانع.
وإنما تقدّم المعمول اهتماماً به وتنبيهاً على أنه أولى بالإحسان إليه ممن ذُكِرَ معه.
و «الَوالِدَان» الأب والأم، يقال لكل واحدٍ منهما: والد؛ قال:[الطويل]