للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وبُدُورٍ في حُجْرَةٍ وبَدْرَة، أي: فَتناكَ ضروباً من الفتن. عن ابن عباس أنه ولُِدَ في عام يُقْتَل فيه الولدان، وألقته أنه في البحر، وقَتَل البطيَّ، وأجَّرَ نفسه عشر سنين، وضلَّ عن الطريق وتفرقت غنمه في ليلة مظلمة. ولما سأل سعيد بن جبير عن ذلك أجاب بما تقدم، وصار يقول عند كل واحدة: فهذه فتنة يا ابن جبير، قال معناه الزمخشري.

وقال غيره: بفُتُونٍ من الفِتَن أي المِحَن مختبر بها.

وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس أن الفتون وقوعه في محنة خلصه الله منها، أولها أنَّ أمه حملت في السنة التي كان فرعون يذبح فيها الأطفال، ثم إلقاؤه في البحر في التابوت، ثم مَنْعُه من الرضاع إلا من ثدي أمه، ثم أَخَذُه بحليةٍ فرعونَ حتى همَّ بقتلهِ، ثمو تناولت الجملة بدل الجوهرة ثم قَتْلُه القبطيَّ، وخروجه إلى مدين خائفاً.

فعلى هذا معنى: فتناك أخلصناك من تلك المِحَن كما يُفْتَن الذهب بالنار فيتخلص من كل خبث فيه.

فإن قيل: إنه تعالى عدَّد أنواع مِنَنِهِ على موسى في هذا المقام، فكيف يليق بهذا قوله: «وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً» ؟

فالجواب من وجهين:

الأول: ما تقدم من أنَّ «فَتَنَّاكَ» بمعنى خلصناك تخليصاً.

والثاني: أن الفتنة تشديد المحنة يقال: فُتِن فلانٌ عن دينه إذا اشتدت عليه المحنة حتى رجع عن دينه. قال تعالى: {فَإِذَآ أُوذِيَ فِي الله جَعَلَ فِتْنَةَ الناس كَعَذَابِ الله} [العنكبوت: ١٠] ، وقال: {أَحَسِبَ الناس أَن يتركوا أَن يقولوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} [العنكبوت: ٢]

<<  <  ج: ص:  >  >>