وقال:{وَلَقَدْ فَتَنَّا الذين مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ الله الذين صَدَقُواْ وَلَيَعْلَمَنَّ الكاذبين}[العنكبوت: ٣] ، ولما كان التشديد في المحنة مما يوجب كثرة الثواب عدَّه الله من جملة النِّعَم.
فإن قيل: هل يَصلح إطلاق الفَتَّان عليه سبحانه اشتقاقاً من قوله: «وفَتَنَّاكَ فُتُوناً» ؟
فالجواب: لا لأنه صفة ذمٍّ في العرب، وأسماء الله تعالى توقيفية لا سيما فيما يوهم ما لا ينبغي.
قوله:{فَلَبِثْتَ سِنِينَ في أَهْلِ مَدْيَنَ} والتقدير: «وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً» فخرجت خائفاً إلى أهل مدين فلبثت سنين فيهم وهي إمَّا عشراً وَثَمان لقوله تعالى: {على أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ}[القصص: ٢٧] وقال وهب: لَبِثَ مُوسَى عند شعيب عليهما السلام ثمانياً وعشرين سنة منها عشر سنين مهر امرأته.
ويرده قوله تعالى:{فَلَمَّا قضى مُوسَى الأجل (وَسَارَ بِأَهْلِهِ}[القصص: ٢٩] الأجل المشروط عيله في تزويجه.
ومَدْيَن: بَلْدَةُ شُعَيْبٍ على ثَمَان مراحل من مصر.
قوله:{ثُمَّ جِئْتَ على قَدَرٍ ياموسى} هذا الجار متعلق بمحذوف على أنه حال من فاعل «جِئْتَ» أي جئت موافقاً لما قُدِّر لك، كذا قدره أبو البقاء، وهو تفسير معنى، والتفسير الصناعي: ثم جئت مستقراً أو كائناً على مقدار معين، كقول الآخر: