سِحْرٍ، (أو جعلوا نفس السحر مبالغةً وتبييناً للكيد، أي حيلةَ سحر، لأنه يكون سحراً وغير سحر) كما تميز سائر الأعداد بما يفسره نحو مائة درهم، وألف دينار، ومثله علم فقهٍ وعلمُ نحوٍ. وقال أبو البقاء:«كَيْدُ سَاحِرٍ» إضافة المصدر إلى الفاعل، و «كَيْدُ سِحْرٍ» إضافة الجنس من النوع. والباقون:( «سَاحِرٍ» ) .
وأفرد ساحِراً وإن كان المراد به جماعة، قال الزمخشري: لأن القصد في هذا الكلام إلى معنى الجنسية لا إلى معنى العدد (فلو جمع لَخُيِّلَ أنَّ المقصود هو العدد) . وقرئ «سَاحِرَاً» بالنصب على أن «مَا» كافة. ثم قال:{وَلَا يُفْلِحُ الساحر حَيْثُ أتى} من الأرض. قال ابن عباس: لا يسعد حيث كان. وقيل معناه: حيث احتال.
قوله:{فَأُلْقِيَ السحرة سُجَّداً} لما ألْقَى ما في يمينه، وصار حيَّةً، وتلقف ما صنعوا، وظهر الأمر، خروا عند ذلك سجداً، لأنهم كانوا في أعلى طبقات السحر، فلما رأوا ما فعل موسى - عليه السلام - خارجاً عن صناعتهم عرفوا أنه ليس من السحر ألبتّة، روي أن رئيسهم قال: كُنَّا نغلِبُ الناسَ بالسحر، وكانت (الآلات) تبقى علينا، فلو كان هذا سحراً فأيْنَ ما ألقيناه؟ فاستدل بتغير أحوال الأجسام على الصانع القادر العالم، وبظهوره على يد موسى - عليه السلام - على كونه رسولاً صادقاً من عند الله فلا جرم تابوا وآمنوا وأتوا بما هو النهاية في الخضوع وهو السجود. قال الأخفش: إنهم في سرعة ما سجدوا كأنهم خروا. قال الزمخشري: ما أعجب أمرهم قد