من جهنم، لأنَّ في الجملة ضمير كل منهما. والمراد بالمجرم المشرك الذي مات على الشرك {فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا} فيستريح «وَلَا يَحْيَى» حياة ينتفع بها. فَإنْ قيلَ: الجسم الحيُّ لا بد وأن يبقى حيَّاً أو ميتاً فخلوه عن الوصفين محال. فالجواب: أنَّ المعنى يكون في جهنم بأسوأ حال لا يموت موتة مريحة ولا يَحْيَى حياة (ممتعة) .
وقال بعضهم: إن لنا حالاً ثالثة، وهي كحالة المذبوح قبل أنْ يهدى فلا هو حَيٌّ، أنه قد ذبح ذبحاً لا يبقى الحياة معه، ولا هو ميت، لأن الروح لم تفارقه بعد فهي حالة ثانية.
فصل
استدلت المعتزلة بهذه الآية في القطع على وعيد أصحاب الكبائر: قالوا: صاحب الكبيرة مجرم، وكل مجرم فإنَّ له جَهَنَّم لقوله:{مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً} وكلمةُ (مَنْ) في معرض الشرط تفيد العموم بدليل أنه يجوز استثناء كل واحد منها، والاستثناء يخرج من الكلام ما لولاه لدخل.
وأجيبت بأنه لا نَسَلَّم أن صاحب الكبيرة مجرم، لأنه تعالى جعل المجرم في مقابلة المؤمن لقوله:{وَمَن يَأْتِهِ مُؤْمِناً} ، وقال:{إِنَّ الذين أَجْرَمُواْ كَانُواْ مِنَ الذين آمَنُواْ يَضْحَكُونَ}[المطففين: ٢٩] ، وأيضاً: فإنه لا يليق بصاحب الكبيرة أن يقال في حقّه، فَإنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَكُونُ بهذا الوصف، وفي الخبر الصحيح «يَخْرُجُ من النَّار مَنْ كانَ في قلبه مثقال ذرة من الإيمان» . قال ابنُ الخطيب: وهذه اعتراضات ضعيفة أما قوله: