وقرأ أبو عمرو في رواية الحسن وعيسى بن عمر بفتح «أنَّ ربَّكُمْ» فقط، وخرجت على وجهين:
أحدهما: أنها وما بعدها في تأويل مصدر في محل رفع خبراً لمبتدأ محذوف تقديره: واللأمر أنَّ رَبَّكُم الرَّحْمنُ، فهو من عطف الجمل لا من عطف المفردات.
والثاني: أنها مجرورة مقدر، أي: لأنَّ رَبَّكُم الرَّحْمنُ.
«فَاتَّبِعُونِي» وقد تقدم القول في نظير ذلك بالنسبة إلى هذه الفاء.
فصل
لمَّا قالوا لهارون {لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ} أي: مقيمين على عبادة العجل {حتى يَرْجِعَ إِلَيْنَا موسى} اعتزلهم هارون في اثني عشر ألفاً الذين لم يعبدوا العجل، فلما رجع موسى وسمع الصياح والجلبة، وكانوا يؤقصون حول العِجْل قال للسبعين الذين معه: هذا صوت الفتنة، فلما رأى هارون أخذ شعر رأسه بيمينه ولحيته بشماله. وقال له:{مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضلوا} أشركوا.
قوله:«إذْ» منصوب ب «مَنَعَكَ» ، أي: أي شيء منعك وقت ضلالهم.
و «لَا» فيها قولان:
أحدهما: أنَّها مزيدة، أي ما منعك من أن تتبعني.
والثاني: أنَّها دخلت حملاً على المعنى، إذ المعنى ما حملك على أن لا تتبعني، وما دَعَاك إلى أن لا تتبعني، ذكره عَلِيُّ بن عِيسَى.
وقد تقدم تحقيق هذين القولين في (سورة الأعراف، والقراءة في) ، «يَبْنَؤُمَّ» .
فصل
ومعنى تَتَّبِعني تتَّبع أمري ووصيَّتٍي، يعني هلَاّ قاتلتهم، وقد علمت أنِّي لو كنت