و «لَهُمْ» صفة له، وهذا الضمير يجوز أن يعود على الأصنام، وتأويل عود ضمير العقلاء عليها تقدم. ويجوز أن يعود على عابديها. والضمير في «إلَيْهِ
يجوز أن يعود إلى» إبراهيم «، أي: يرجعون إلى مقالته حين يظهر لهم الحق، أو غلب على ظنه أنهم لا يرجعون إلا إليه لما شاهدوه من إنكاره لدينهم، وسب آلهتهم، فيبكتهم بما أهانهم به من قوله:{بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَاسْأَلُوهُمْ}[الأنبياء: ٦٣] .
ويجوز أن يعود إلى الكبير، وفيه وجهان:
أحدهما: لعلهم يرجعون إليه كما يرجعون إلى العالم في حل المشكلات، فيقولون: ما لهؤلاء مكسورة ومالك صحيحاً والفأس على عاتقك؟ وهذا قول الكلبي. وإنما قال ذلك بناء على كثرة جهالاتهم، فلعلهم كانوا يعتقدون فيها أنها تجيب وتتكلم.
والثاني: أنه - عليه السلام - قال ذلك مع علمه أنهم لا يرجعون إليه (استهزاء بهم) .
فصل
قال السّدّيّ: كان لهم في كل سنة عيد يجتمعون فيه، فكانوا إذا رجعوا من عيدهم دخلوا على الأصنام فسجدوا لها، ثم عادوا إلى منازلهم، فلما كان هذا الوقت قال آزر لإبراهيم: لو خرجت معنا، فخرج معهم، فلما كان ببعض الطريق ألقى نفسه وقال: إنِّي سَقِيم أشتكي رِجْلي،، فلمَّا مَضَوْا وبقي ضعفاء الناس، نادى وقال:{تالله لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَن تُوَلُّواْ مُدْبِرِينَ} أي: إلى عيدكم. فسمعوها منه. واحتج هذا القائل بقوله تعالى:{قَالُواْ سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ} .
وقال الكلبيّ: كان إبراهيم - عليه السلام - من أهل بيت ينظرون في النجوم وكانوا إذا خرجوا إلى عيدهم لم يتركوا إلَاّ مريضاً، فلما هَمَّ إبراهيم بكسر الأصنام، نظر قبل يوم العيد إلى السماء، وقال لأصحابه: أراني أشتكي غداً، وهو قوله:{فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النجوم فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ}[الصافات: ٨٨، ٨٩] . وأصبح في الغد معصوباً رأسه، فخرج القوم ليعيدهم