والقَفَاوَة: ما يدّخر من اللّبن وغيره لمن تريد إكرامه، وقفوت الرجل: قذفته بِفُجُور، «وفلان قِفْوتِي» : أي تُهْمتي، وقِفْوتي أي خيرتي.
قال ابن دريد: كأنه من الأضداد.
ومنه قافية الشعر؛ لأنها يتلو بعضها بعضاً، ومعنى قفّينا: أي أتبعنا، كقوله:{ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى}[المؤمنون: ٤٤] .
و «مِنْ بَعْدِهِ» متعلق به، وكذلك:«بالرُّسُل» وهو جمع رسول بمعنى مُرْسَل، وفُعُل غير مقيس في «فعيل» بمعنى «مفعول» وسكون العين لغة «الحجاز» وبها قرأ الحسن، والضم لغة «تميم» وبها قرأ السَّبعة إلَاّ أبا عمر، وفيما أضيف إلى «ن» أو «كم» أو «هم» ، فإنه قرأ بالسكون لتوالي الحركات.
وروي أن بعد موسى إلى أيام عيسى كانت الرسل متواترةً، ويظهر بعضهم في أثر البعض.
والشريعة واحدة في أيام عيسى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ ت فإنه جاء بشريعة مجدّدة، والدليل على ذلك قوله:{وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بالرسل} ؛ لأنه يقتضي أنهم على حدٍّ واحدٍ في الشريعة يتبع بعضهم بعضاً فيها.
وقال القاضي: إنَّ الرسول الثاني لا يجوز أن يكون على شِرْعَةِ الأوّل بحيث لا يؤدي إلا تلك بعينها من غير زيادة ولا نُقْصَان، مع أنّ تلك الشريعة محفوظةٌ يمكن معرفتها بالتَّواتر عن الأول؛ لأن الرَّسُول إذا كان هذا حاله لم يممكن أن يعلم من جنهة إلَاّ منا كان قد علم من قبل، أو يمكن أن يعلم من قبل، فكما لا يجوز أن يبعث الله رسولاً لا شريعة معه أصلاً، فكذا هاهنا، فثبت أنه لا بد وأن يكونوا قد بعثوا