بشريعة جديدة إن كانت الأولى محفوظةً، أو محيية لبعض ما اندرس من الشَّريعة الأولى.
والجواب: لم لا يجوز أن يكون المقصود من بعثة هؤلاء الرسل التعبُّد بتلك الشريعة السَّابعة بنوع آخر من الأَلْطَاف لا يعلمه إلا الله؟
فصل في لفظ عيسى
[قوله] : «عيسى» : علم أعجمي فلذلك لم ينصرف، وقد تكلم النحويون في وَزْنِهِ، واستقاقه على تقدير كونه عَرَبيَّ الوضع فقال سيبويه: وزنه «فِعْلَى» والياء فيه ملحقة ببنات الأربعة كياء «مِعْزى» بالياء لا الألف، سمّاها ياء لكتابتها بالياء.
وقال الفارسي: ألفه ليست للتأنيث ك «ذِكْرَى» ، بدلالة صرفهم له في النكرة.
وقال عثمان بن سعيد الصيرفي: وزنه «فِعْللَ» فالألف عنده أصيلة بمعنى أنها مُنْقلبة عن أصل. ورد عليه ذلك ابن البَاذش بأن الياء والواو لا يكونان أصليين في بنات الأربعة، فمن قال: إن «عيسى» مشتق من «الْعَيْس» : وهو بياض تُخالطه شُقْرة ليس بمصيب، لأن الأعجمي لا يدخله اشتقاق ولا تصريف.
وقل الزمخشري:«وقيل: عيسى بالسُّريانية يشوع» .
قوله:«ابن مريم» عطف بيان له أو بدل، ويجوز أن يكون صفة إلا أن الأول أولى؛ لأن «ابن مريم» جرى مجرى العلم له، وللوصف ب «ابن» أحكام تخصّه، ستأتي إن شاء الله تعالى مبينة، وقد تقدم اشتقاق «ابن» وأصله.
و «مريم» أصله بالسّريانية صفة بمعنى الخَادِمِ، ثم سُمِّيَ به؛ فلذلك لم ينصرف، وفي لغة العرب: هي المرأة التي تُكْثر مخالطة الرجَال ك «الزِّير» من الرجال، وهو الذي يكثر مُخالطتَهُن.
قال رؤبة:[الرجز]
٦٤٧ - قُلْتُ لِزِيرٍ لَمْ تَصِلْهُ مَرْيَمُهْ ... و «ياء» الزّير عن واو؛ لأنه من «زار يزور» فقلبت للكسرة قبلها ك «الريح» ، فصار لفظ «مريم» مشتركاً بين اللِّسَانين، ووزنه عند النحويين «مَفْعَل» لا «فَعْيَل» ، قال