القول الثالث فيشكل، وذلك أنه يلزم تعلق جر في جر متحدين لفظاً ومعنى. ويجاب عنه بأن يجعل بدلاً من «لَكُمْ» بإعادة العامل كقوله تعالى: {لِمَن يَكْفُرُ بالرحمن لِبُيُوتِهِمْ}[الزخرف: ٣٣] وهو بدل اشتمال، وذلك أنَّ أنْ الناصبة للفعل المقدرة مؤولة وهي منصوبها بمصدر، وذلك المصدر بدل من ضمير المخاطب في «لَكُمْ» بدل اشتمال، والتقدير: وعلمناه صنعة لبوس لتحصنكم.
والثاني: أن تتعلق ب «صَنْعَةَ» على معنى أنه بدل من «لَكُم» كما تقدم تقريره وذلك على رأي أبي البقاء، فإنه علَّق «لَكُمْ» ب «صَنْعَةَ» .
والثالث: أنها تتعلق بالاستقرار الذي تعلق به «لَكُمْ» إذا جعلناه صفة لما قبله. وقرأ الحرميان والأخوان وأبو عمرو:«لِيُحْصِنَكُمْ» بالياء من تحت، والفاعل الله تعالى، وفيه التفات على هذا الوجه، إذ تقدمه ضمير المتكلم في قوله «وَعَلَّمْنَاهُ» . أو داود، أو التعليم، أو اللبوس. وقرأ حفص وابن عامر بالتاء من فوق، والفاعل الصنعة أو الدرع، وهي مؤنثة، أو اللبوس، لأنها يراد بها ما ليس، وهو الدرع، والدرع مؤنثة كما تقدم.
وقرأ أبو بكر «لِنُحْصِنَكُمْ» بالنون جرياً على «عَلَّمْنَاهُ» . وعلى هذه القراءات الثلاث الحاء ساكنة والصاد مخففة. وقرأ الأعمش «لِيحَصِّنكم» وكذا النعيمي عن أبي عمرو بفتح الحاء وتشديد الصاد على التكثير إلَاّ أن الأعمش بالتاء من فوق وأبو عمرو بالياء من تحت وقُدِّمَ ما هو الفاعل.
فصل
معنى «لِنُحْصِنَكُم» أي: لنحرزكم ونمنعكم من بأسكم أي: حرب عدوكم.