للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

السلام - أتاك عدو الله ليفتنك، ثم أقسم إن عافاه الله ليضربنها مائة سوط. فقال عند ذلك: {مَسَّنِيَ الضر} يعني من طمع إبليس في سجودي له وسجود زوجتي له، ودعائه إيَّاها وإيَّايَ إلى الكفر.

وفي رواية قال وهب: كانت امرأة أيوب تعمل للناس وتأتيه بقوته، فلما طال عليه البلاء، وسئمها الناس، فلم يستعملوها، فالتمست ذات يوم شيئاً من الطعام، فلم تجد شيئاً، فجزت قرنها من رأسها فباعته برغيف، فأتته، فقال لها: أين قرنك؟ فأخبرته بذلك. فحينئذ قال: {مَسَّنِيَ الضر} . وفي رواية قال إسماعيل السّدّيّ: لم يقل أيوب {مَسَّنِيَ الضر} إلا لأشياء ثلاثة:

أحدها: قول الرجل له: لو كان عملك خالصاً لما أصابك ما أصابك.

والثاني: كانت لامرأته ثلاث ذوائب فعمدت إلى إحداهن فقطعتها وباعتها فأعطوها بذلك خبزاً ولحماً، وجاءت إلى أيوب، فقال: من أين هذا؟ قالت: كُلْ فإنَّهُ حلال. فلما كان من الغ لم تجد شيئاً فباعت الثانية، وكذلك فعلت في اليوم الثالث، وقالت: كُلْ فإنَّه حلال، فقال لا آكل ما لم تخبريني، فأخبرته، فبلغ ذلك من أيوب ما الله أعلم به.

وقيل: إنما باعت، لأن إبليس تمثل لقومه في صورة بشر، وقال: لئن تركتم أيوب في قريتكم فإني أخاف أن يعدي إليكم ما به من العلة فخرجوه إلى باب البلد، ثم قال لهم: إنَّ امرأته تدخل في بيوتكم وتعمل وتمس زوجها، فأقول: إنَّه يتعدى إليكم علته، فحينئذ لم يستعملها أحد فباعت ضفيرتها.

والثالث: حين قالت له امرأته ما قالت. وفي رواية: قيل: سقطت دودة من فخذه فردها إلى موضعها، وقال: قد جعلني الله طعمة لك، فعضته عضة شديدة. فقال: {مَسَّنِيَ الضر} . وأوحى الله إليه: لولا أني جعلت تحت كل شعرة صبراً لما صبرت.

فصل

طعنت المعتزلة في هذه القصة من وجوه:

الأول: قال الجبائي: ذهب بعض الجهال إلى أن ما كان به من المرض كان فعلاً للشيطان سلطه عليه لقوله تعالى عنه {مَسَّنِيَ الشيطان بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ} [ص: ٤١] . وهذا جهل أما أولاً: فإنه لو قدر على إحداث الأمراض والأسقام وضدها من العافية لتهيأ له فعل الأجسام، ومن هذا حاله يكون إلهاً. وأما ثانياً: فلأن الله تعالى أخبر عنه وعن جنوده بأن

<<  <  ج: ص:  >  >>