للعالمين. ويجوز أن يتعلق ب «أَرْسَلْنَاكَ» عند مَنْ يرى تعلق ما بعد قبلها جائز، أو بمحذوف عند مَنْ لا يرى ذلك. هذا إذا لم يفرغ الفعل لما بعدها أما إذا فرغ فيجوز نحو: ما مررت إلا بزيد، كذا قاله أبو حيان هنا. وفيه نظر من حيث إن هذا أيضاً مفرغ، لأنّ المفرغ عبارة عما افتقر ما بعد إلا لما قبلها على جهة المعمولية له.
فصل
قال ابن عباس: قوله: «رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ» عام في حق من آمن ومن لم يؤمن. اعلم أنه - عليه لسلام - كان رحمة في الدين والدنيا، أما في الدين فلأنه - عليه السلام - بعث والناس في جاهلية وضلال، وأهل الكتابين كانوا في حيرة في أمر دينهم لطول مدّتهم وانقطاع تواترهم ووقوع الاختلاف في كتبهم، فبعث الله محمداً حين لم يكن لطالب الحق سبيل إلى الفوز والثواب، فدعاهم إلى الحق وبين لهم سبيل الصواب وشرع لهم الأحكام، وميز الحلال والحرام، فمن كانت همته طلب الحق فلا يركن إلى التقليد ولا إلى العناد والاستكبار، قال الله تعالى:{قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ هُدًى وَشِفَآءٌ}[فصلت: ٤٤] إلى قوله: {وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى}[فصلت: ٤٤] وأما في الدنيا فلأنهم تخلصوا بسببه من الذل والقتل. فإن