هو غلط، لأن «أن» نافية لا عمل لها. ونقل أبو البقاء عن غيره أنه قال في تخريجها: أنه ألقي حركة الهمزة على الياء فتحركت، وبقيت الهمزة ساكنة، فأبدلت ألفاً لانفتاح ما قبلها، ثم أبدلت همزة متحركة، لأنها في حكم المبتدأ بها، والابتداء بالساكن محال. وهذا تخريج متكلف لا حاجة إليه، ونسبة راويها عن ابن عباس إلى الغلط أولى من هذا التكلف فإنها قراءة شاذة، وهذا التخريج وإن وقع في الأولى فلا يجري في الثانية شيئاً. وسيأتي قريب من ادعاء قلب الهمزة ألفاً ثم قلب الألف همزة في قوله:«مِنْسَأَتَهُ» - إن شاء الله -، وبذلك يسهل الخطب في التخريج المذكور والجملة الاستفهامية في محل نصب ب «أّدْرِي» ، لأنها معلقة لها عن العملأ، وأخر المستفهم عنه لكونه فاصلة، ولو وسط لكان التركيب: أقريب ما توعدون أم بعيد، ولكنه أخر مراعاة لرؤوس الآي. و «مَا تُوعَدُونَ» يجوز أن يكون مبتدأ وما قبله خبر عنه ومعطوف عليه، وجوّز أبو البقاء فيه أن يرتفع فاعلاً ب «قَرِيبٌ» قال: لأنه اعتمد على الهمزة. قال: ويخرج على قول البصريين أن يرتفع ب «بَعِيدٌ» لأنه أقرب إليه. يعني أنه يجوز أن تكون المسألة من التنازع فإِن كُلاًّ من الوصفين يصح تسلطه على «مَا تُوعَدُونَ» من حيث المعنى.
فصل
المعنى: وما أدري أقريب أم بعيد ما توعدون، يعني: القيامة أو من عذاب الدنيا.
وقيل: الذي آذنهم به من الحرب لا يعلم هو قريب أم بعيد لئلا يقدر أن يتأخر، وذلك أنَّ السورة مكية، وكان الأمر بالجهاد بعد الهجرة. وقيل: ما يوعدون من غلبة المسلمين عليهم.
قوله:{إِنَّهُ يَعْلَمُ الجهر مِنَ القول وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ} والمقصود منه الأمر بالإخلاص وترك النفاق. و «من القول» حال من الجهر. قوله:«لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ» الظاهر أن هذه الجملة