قوله:{يُذْكَرُ فِيهَا اسم الله} يجوز أن يكون صفة للمواضع المتقدمة كلها إن أعدنا الضمير من «فِيهَا» عليها. قال الكلبي ومقاتل: يعود إلى الكل لأن الله تعالى يذكر في هذه المواضع كلها. ويجوز أن يكون صفة للمساجد فقط إن خصصنا الضمير في «فِيهَا» بها تشريفاً لها. ثم قال {وَلَيَنصُرَنَّ الله مَن يَنصُرُهُ} أي: ينصر دينه ونبيه.
وقيل: يتلقى الجهاد بالقبول نصرة لدين الله. {إِنَّ الله لَقَوِيٌّ} أي: على هذه النصرة التي وعدها المؤمنين. «عَزِيْزٌ» وهو الذي لا يضام ولا يمنع مما يريده.
قوله:{الذين إِنْ مَّكَّنَّاهُمْ} يجوز في هذا الموصول ما جاز في الموصول قبله ويزيد هذا عليه بأنه يجوز أن يكون بدلاً من «مَنْ يَنْصُرُه» ذكره الزجاج أي: ولينصرن الله الذين إن مكناهم، و «إنْ مَكَّنَّاهم» شرط و «أقاموا» جوابه، والجملة الشرطية بأسرها صلة الموصول.
فصل
لما ذكر الذين أذن لهم في القتال وصفهم في هذه الآية فقال:{الذين إِنْ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأرض} والمراد من هذا التمكن السلطنة ونفاذ القول على الخلق أي: نصرناهم على عدوهم حتى تمكنوا من البلاد. قال قتادة: هم أصحاب محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - المهاجرون لأن الأنصار لم يخرجوا من ديارهم فوصفهم بأنهم أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر، ثم قال {وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأمور} أي: آخر أمور الخلق ومصيرهم أي: يبطل كل ملك سوى ملكه، فتصير الأمور له بلا منازع.