قوله:«بَيْنَهُم» يجوز تعلقه بنفس «أَنْسَابَ» ، وكذلك «يَوْمَئِذٍ» ، أي: فلا قربة بينهم في ذلك اليوم. ويجوز أن يتعلق بمحذوف على أنّه صفة ل «أَنْسَابَ» ، والتنوين في «يَوْمَئِذٍ» عوض عن جملة تقديره: يومئذ نفخ في الصور.
فصل
من المعلوم أنَّه تعالى إذا أَعادهم فالأنساب ثابتة، لأنّ المعاد هو الولد والوالد، فلا يجوز أن يكونَ المراد نفي النسب حقيقة بل المراد نفي حكمه وذلك من وجوه:
أحدها: أنّ من حق النسب أنْ يقع به التعاطف والتراحم كما يُقال في الدنيا: أسألك باللَّه والرحم أن تفعل كذا، فنفى سبحانه ذلك من حيث أنَّ كل أحد من أهل النار يكون مشغولاً بنفسه، وذلك يمنعه من الالتفات إلى النسب كما أنَّ الإنسان في الدنيا إذا كان في آلام عظيمة ينسى ولده ووالده.
وثانيها: أنَّ من حق النسب أنْ يحصل به التفاخر في الدنيا، وأنْ يسأل البعض عن أحوال البعض، وفي الآخرة لا يَتَفَرغونَ لذلك.
وثالثها: أنّ ذلك عبارة عن الخوف الشديد، فكل امرئٍ مشغول بنفسه عن نسبه وأخيه وفصيلته التي تؤويه. قال ابن مسعود: يؤخذ العبد والأمة يوم القيامة على رؤوس الخلائق ينادي منادٍ ألا إنّ هذا فلان فمن له عليه حق فليأت إلى حقه، فيفرح المرء يومئذ