أن يثبت له الحق على أمه أو أخيه أو أبيه ثم قرأ ابن مسعود {فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَآءَلُونَ} وروى عطاء عن ابن عباس: أنّها النفخة الثانية.
{فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ} أي: لا يتفاخرون في الدنيا ولا يتساءلون سؤال تواصل كما كانوا يتساءلون في الدنيا مَنْ أنت؟ ومن أي قبيلة أنت؟ ولم يرد أنّ الأنساب تنقطع.
فإن قيل: أليس قد جاء في الحديث:
«كل سَبَبٍ ونسب ينقطع إلا سَبَبِي ونَسَبِي» قيل معناه: لا ينفع يوم القيامة سبب ولا نسب إلاّ سببه ونسبه، وهو الإيمان والقرآن.
فإن قيل: قد قال ههنا «وَلَا يَتَسَاءَلُونَ» وقال: {وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً}[المعارج: ١٠] . وقال {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ}[الصافات: ٢٧] .
فالجواب: رُوي عن ابن عباس أنّ للقيامة أحوالاً ومواطن، ففي موطن يشتد عليهم الخوف فيشغلهم عِظَم الأمر عن التساؤل فلا يتساءلون، وفي موطن يفيقون إفاقة يتساءلون. وقيل: إذا نفخ في الصور نفخة واحدة شُغلوا بأنفسهم عن التساؤل، فإذا نفخ فيه أخرى أقبل بعضهم على بعض وقالوا:{ياويلنا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا}[يس: ٥٢] . وقيل: المراد لا يتساءلون بحقوق النسب. وقيل:«لَا يَتَسَاءَلُونَ» صفة للكفار لشدة خوفهم، وأمّا قوله:{وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ}[الصافات: ٢٧] فهو صفة أهل الجنة إذا دخلوها. وعن الشعبي قالت عائشة:«يا رسول الله أما نتعارف يوم القيامة أسمع الله يقول: {فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَآءَلُونَ} فقال عليه السلام» ثلاثة مواطن تذهل فيها كُلُّ مرضعةٍ عما أرضعت عند رؤية القيامة وعند الموازين وعلى جسر جهنم «.
قوله:{فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فأولئك هُمُ المفلحون} لمَّا ذكر القيامة شرح أحوال السعداء والأشقياء. قيل المراد بالموازين الأعمال فمن أُتِيَ بِمَا لَهُ قدر وخطر فهو الفائز