وتقدم في أول البقرة تحرير هذا الضابط في قوله:«فهي كالحجارة» و «هي» و «هو» ونحوها:
وقال مكيٌّ: كان يجب على من سَكَّنَ القاف أن يضُمَّ الهاء، لأنَّ هاء الكناية إذا سُكِّن ما قبلها ولم يكن الساكن ياءً ضُمَّتْ نحو «مِنْهُ» و «عَنْهُ» ، ولكن لما كان سكون القاف عارضاً لم يعتدَّ به، وأبقى الهاء على كسرتها التي كانت عليها مع كسر القاف، ولم يصلها بياء، لأنَّ الياء المحذوفة قبل الهاء مُقَدَّرَةٌ مَنْويَّةٌ، (فبقي الحذف الذي في الياء قبل الهاء على أصله) .
وقال الفارسيُّ: الكسرة في الهاء لالتقاء الساكنين، وليست الكسرة التي قبل الصلة، وذلك أنَّ هاء الكناية ساكنةٌ في قراءته، ولما أَجْرَى «تَقِهِ» مجرى كَتِفٍ، وسكَّن القاف التقى ساكنان، ولمَّا التقيا اضطر إلى تحريك أحدهما، فإمَّا أن يحرِّك الأول أو الثاني، (و) لا سبيل إلى تحريك الأول، لأنه يعود إلى ما فرَّ منه، وهو ثقل «فَعِل» فحرَّك ثانيهما (على غير) أصل التقاء الساكنين، فلذلك كسر الهاء، ويؤيده قوله:
وذلك أن أصله: لم «يَلِدْه» بكسر اللام وسكون الدال للجزم، ثم لما سكن اللام التقى ساكنان، فلو حرك الأول لعاد إلى ما فرَّ منه، فحرك ثانيهما وهو الدال، وحركها بالفتح وإن كان على خلاف أصل التقاء الساكنين مراعاة لفتحة الياء. وقد ردَّ أبو القاسم بن فيره قول الفارسي وقال: لا يصحُّ قوله: إنه كسر الهاء لالتقاء الساكنين، لأن حفصاً لم يسكِّن الهاء في قراءته قطُّ وقد رد أبو عبد الله شارح قصيدته هذا الردَّ، وقال: وعجبت من نفْيِهِ الإسكان عَنْهُ مع ثُبُوتِهِ عَنْهُ في «أَرْجِهْ» و «فَأَلْقِهْ» ، وإذا قَرَأَهُ في «أَرْجِهْ» و «فَأَلْقِهْ» احتمل أن يكون «يَتَّقِهْ» عنده قبل سكون